هذه المرحلة من تاريخنا مرحلة دقيقة, ومهمة للغاية, تتزايد فيها وأمامها الأحداث من كل حدب وصوب, نحو بلادنا والتحديات التي تقف أمامنا في كل اتجاه, يبرز فيها غياب الصوت السعودي في وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بغير العربية, وهذا ما سبب في تنامي الحرب الإعلامية ضد المملكة, وورود كثير من التقارير المظللة التي تحاول النيل من جهود المملكة, والتشكيك في سياستها ونهجها, والسؤال أين دور إعلامنا الخارجي؟! صحيح أن لدينا إعلام (داخلي) لا بأس به ونحن لا نحتاج فرد العضلات بإعلامنا الناطق باللغة العربية لكن نحتاج إلى إعلام خارجي يواكب الأحداث العالمية ويرد على كل استهداف للدولة من الخارج, بحيث يمكن أن يحقق تنفيذ إستراتيجيتنا الخارجية, وعدم مجاراة ما يشاع في الخارج فإن ذلك يسبب إجهاضاً لأي مجهودات تقوم بها الدولة خارجيا وداخليا ويسبب إخفاقات متتالية لما نود الوصول إليه على المستوى الخارجي وسنظل نقبض الريح طالما أن إعلامنا الخارجي لا يملك النظرة التخطيطية الإستراتيجية قريبة وبعيدة المدى, في غياب الخط والنهج الإعلامي الواضح الذي يمكن أن تسير على هديه كافة مؤسساتنا الإعلامية ومؤسسات الدولة وتسترشد بمرئياته, وأهدافه ومراجعة، ونحن لا تنقصنا الخبرة والتسلح بأحدث التقنيات والوسائل والأجهزة ومواكبة الطفرة العالمية التي حدثت في هذا المجال, ولكن يعوزنا التصور والمعينات البشرية, والكوادر المهنية, القادرة على إطلاق إستراتيجية إعلامية خارجية فاعلة (نافذة) تستطيع أن تنفذ من خلال (نوافذ) و(قنوات) إعلامية مؤثرة وفعالة تتوفر لها كافة المعينات التي تمكنها من قراءة ذهنية وعقلية الفئات البشرية المستهدفة (المستمع أو المشاهد الغربي) وإيصال الرسالة الإعلامية بكل (شفافية) ووضوح لا لبس معه ولا غموض, وأنا أعترف وأقر بأن الموضوع ليس سهلاً, لكن لنبدأ بداية عملية مخطط لها ومبرمج لها تسير وفق خطوات ثابتة راسخة, فنحن أمام آلة إعلامية (غربية) ضخمة شاملة متكاملة مدعومة مادياً وفنياً, وبشرياً, وغيرها من الدعم المطلوب ذات تاريخ عريق وثوابت راسخة في (أساليب الدهاء والمكر) الإعلامي, ولهما باع طويل موغل في أساليب (التضليل) و(التظليل) الإعلامي وعمل الرتوش و(الفبركات) وغيرها من الأساليب التي (تسلب) عقل المشاهد أو المستمع, وهذا يجب أن لا يثنينا عن التخطيط لتنفيذ خط إعلامي, وإستراتيجية إعلامية (مضادة) تبدد سموم ما تنفثه أدواالإعلام الغربي, وما تبثه من أكاذيب وافتراءات.
والقصد من هذا كله أن ينهض إعلامنا الخارجي وينتبه إلى دور الإعلام الغربي الخطير الذي اعتلى أسوار بيوتنا ودلف إليها إليها من أوسع أبوابها كضيف, ولكن بنوايا الله أعلم بها.. ويجب أن يجابه هذا الإعلام بنفس طريقته وأسلوبه وأدواته, وأن نقيم مؤسسات إعلامية خارجية هدفها الرد والتصدي لكل من يحاول النيل من بلدنا وسياسته وأموره الخارجية والداخلية.. والله من وراء القصد.