سلمان بن محمد العُمري
مع تطور حركة المجتمع، وتنوع ميادين التعليم والتعلم في المجالات العلمية والنظرية المختلفة، وتنوع وتعدد وسائل الإعلام والاتصال الجديد أصبح من الأهمية بمكان بحث الوسائل اللازمة لتستطيع الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم مواصلة جهودها في الحفاظ على النشء، وخدمة القرآن الكريم، ولا سيما في ظل شراسة المغريات والملهيات التي يمكن أن تفترس الشباب والناشئة، وتنأى بهم عن جادة الحق والصواب، وهذا يتطلب رصد ودراسة واقع هذه الجمعيات في ضوء مستجدات العصر وظروفه، وإيجاد الآليات العصرية للارتفاع بهذا الواقع على أسس علمية وعملية.
والمطلع على واقع جمعيات تحفيظ القرآن الكريم يجدها نجحت خلال السنوات الماضية في أن تجمع الناشئة والشباب في حلقات التحفيظ، التي تنتشر في مساجد المملكة، وتستثمر أوقاتهم في حفظ القرآن الكريم، وإتقان تلاوته وتجويده، وأسهمت في تخريج الآلاف من الحفظة، الذين أسهموا في خدمة المجتمع.
وأن ما تحقق من نتائج - ولله الحمد - في الفترة السابقة، كان بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بجهد بعض المخلصين، إلا أنّ الأعمال السابقة لم يتم بناؤها على أسس ودراسات تخطيطية قوية، بل كانت برامج تُنفذ في الحال، ولذا كانت الحلقات كثيراً ما تتوقف في أول الطريق، أو منتصفه، عند تنفيذ بعض البرامج، نتيجة عدم التخطيط المسبق، وعدم توفر المبالغ المالية.
وللحق، أنه على الرغم من هذه الظروف، إلا أن النتائج - كما أشرت - جاءت رائعة، والجهود كانت مباركة، وأسهمت في تخريج الألوف من حفظة كتاب الله من البنين والبنات، وانتساب مئات الألوف لهذه الجمعيات، ولنا أن نتصور النتائج والثمار لو كانت هناك دراسات وخطط في بعض الجمعيات.
ومن هنا، أتمنى من جمعياتنا إنشاء وحدة للدراسات والبحوث، لرسم الإستراتيجيات والخطط، ولتتولى إعداد الدراسات الخاصة بالأمور المالية، وتنمية مواردها، حتى لا تقف البرامج في محطة العجز المالي، إضافة لدراسة بعض الأمور المتعلقة بسير العمل في الجمعيات، كتسرب بعض الطلاب، وعدم مواصلتهم، وكذلك انقطاع التواصل بين المتخرجين من حفظة كتاب الله والجمعيات، ولماذا لا يعملون في الجمعيات، ودراسة موضوع تأهيل معلمي القرآن الكريم، وهذه الدراسات ليست هي كل الدراسات، إنما هي نماذج بسيطة لمشكلات تغرق فيها بعض الجمعيات نتيجة أنه لا يوجد من يتولى تقييم الأعمال، ولا دراسة المشكلات، ولا التخطيط للأعمال!