خالد بن حمد المالك
لم يسبق لملك سعودي أن قام بزيارات متزامنة ومتواصلة لأربع دول خليجية أعضاء في مجلس دول التعاون الخليجي، لكن خادم الحرمين الشريفين فعلها، وبدأ بدولة الإمارات العربية المتحدة لتكون محطته الأولى في هذه الجولة الملكية التاريخية، مسجلاً بذلك سابقة تاريخية مهمة على مستوى العلاقات الثنائية مع كل من الإمارات وقطر والكويت والبحرين.
* *
الملك سلمان يقوم بهذه الزيارات في مرحلة تاريخية تتطلب تنشيط العلاقات بين دول مجلس التعاون، والاتفاق قبل موعد عقد القمة الخليجية في مملكة البحرين على الأقل مع بعض الدول، واستكمالها بعد اختتام المؤتمر، وهي زيارات يمكن للمتابع تحليلها وتفسير أهدافها، وفقاً للمعطيات التي تشير إليها التطورات أمنياً واقتصادياً، وسياسياً على مستوى منطقة الخليج تحديداً.
* *
غير أن الزيارات الملكية لها بعد آخر، إن لم تكن لها أبعاد أخرى كثيرة ومهمة، بحسب تقديري الشخصي، فالملك سلمان رأى أن يزور إخوانه حكام هذه الدول الذين مثلوا مواطنيهم في التعزية بوفاة الملك عبدالله -رحمه الله- ومن ثم التهنئة بمبايعة الملك سلمان نفسه ملكاً للمملكة العربية السعودية، مثمناً لهم ولمواطنيهم تفاعلهم مع هذين الحدثين باسمه وباسم شعب المملكة العربية السعودية.
* *
في زيارات الملك، ربما تحدث الملك سلمان عن موقف المملكة القديم المتجدد، بالانتقال بالمجلس من التعاون إلى الاتحاد الذي لقي من قبل استجابة مبدأية من إخوانه، ولكن مرحلة التنفيذ لازالت تراوح في مكانها، مع ما للاتحاد من فائدة لكل دول المجلس، وضرورة في تطبيقه لمواجهة التحديات التي تمر بها دول المنطقة، فمسيرة المجلس مع كل ما حققه من نجاح لن تستكمل آفاق النجاح إلا بالاتحاد وليس بالتعاون.
* *
أعتقد أن مباحثات الملك سلمان مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو ستكون في جزء منها معنية في الانطباع الإيجابي الذي يحمله الملك سلمان عن التحالف والتعاون الذي جمع دول المجلس في مواجهة الأوضاع في اليمن، وتدخلها مجتمعة في الوقت المناسب حتى لا تمتد آثار الانقلاب على الشرعية في اليمن إلى الدول الخليجية، وقد نجحت دول التحالف في منع الحوثي والمخلوع من تحقيق أهدافهما.
* *
الزيارات بشكل عام سوف تستعرض العلاقات الثنائية بين المملكة وكل دولة من هذه الدول، وسيركز خادم الحرمين الشريفين على ما يعزز هذا التعاون، ويعطي مزيداً من القوة لهذه العلاقات، بالدفع بها إلى مجالات أخرى من المشاركة الثنائية في المشروعات الاقتصادية، ومزيداً من التعاون عسكرياً وأمنياً.
* *
المهم في هذه الزيارات أنها ستكون ضمن اهتمام القادة في اجتماعهم بالبحرين، بأفكارها وموضوعاتها والترتيب لتفعيل ما هو قائم من تعاون، والمضي نحو تحقيق التكامل بين دول المجلس، تعزيزاً للوحدة التي تتطلع إليها شعوبنا، وتنادي بها منذ زمن، وترى فيها الخيار الأمثل الذي يحقق المصلحة للجميع.