د.عبدالعزيز الجار الله
الفصل بين توطين الوظائف الحكومية والقطاع الخاص من ناحية، وتوزيع المدن والمحافظات من ناحية أخرى، يُعَدُّ عيبًا في التخطيط، لا يخدم الوظائف ولا توزيعها ولا انتشارها. وللأسف، إن هناك فارقًا كبيرًا بين محاور التنمية (شمال - جنوب، وشرق - غرب). ويُعتبر المحور الرئيس محورًا واحدًا (جدة - مكة المكرمة - الرياض - الدمام).
مظاهر أقاليم وبيئات وجغرافية المملكة تتشكل من نحو (12) تكوينًا، هي من الغرب إلى الشرق:
أولاً: البحر الأحمر ضلع على طول حدودنا الغربية، له دور فاعل في اقتصادنا بكل خيراته وثرواته الطبيعية والسميكة وخلجانه ومدنه الإنتاجية.
ثانيًا: سهل تهامة يمتد من جنوبنا الغربي حتى نهاية حدودنا الشمالية الغربية. نموذج مدنه مدينة جدة ومكة المكرمة.
ثالثًا: المرتفعات الغربية (جبال السروات والحجاز ومدين)، وهي سلسلة جبلية عالية الارتفاع، تصل بعض قممها إلى أكثر من (3000) متر، تفصل الهضاب الشرقية عن تهامة والبحر، وأبرز نماذجه مدينة الطائف.
رابعًا: هضبة نجد، وهي مرتفعات شرقي جبال الحجاز)، وتنتشر فوقها المدن المتوسطة والقرى الصغيرة.
خامسًا: حافة طويق. حافة جبلية، تمتد من جنوب وادي الدواسر جنوبًا حتى الزلفي شمالاً، وتقوم عليها مدينة الرياض.
سادسًا: الدهناء. كثبان رملية، تشكّل القوس القابض على شرقي وسط المملكة (منطقة الرياض).
سابعًا: هضبة الصمان. هضبة مرتفعة، تفصل رمال الدهناء عن رمال الجافورة.
ثامنًا: رمال الجافورة. رمال بيضاء تحتها الآبار النفطية.
تاسعًا: السهل الساحلي. شريط ساحلي على طول الخليج العربي، تقع عليه مدننا الشرقية، وأكبر مدنه الدمام.
عاشرًا: مياه الخليج العربي، وهي مصدر للخيرات الطبيعية النفطية والغاز والموانئ والمدن الإنتاجية.
يخترق هذه التكوينات الجغرافية طريق بري، يمر عبر كثافة سكانية عالية ومدن رئيسة، يمتد من جدة، مكة المكرمة، الطائف، الرياض، وأخيرًا الدمام. وبالواقع، إن هذا الجسر البري الذي يربط خمس مدن على محور (شرق - غرب) يضم أكثر من نصف سكان المملكة؛ وبالتالي فإن الوظائف الحكومية والقطاع الخاص تستحوذ عليهما المدن الخمس. وحتى يتم حل وتوطين الوظائف لا بد من إعادة توزيع وانتشار الوظائف على المناطق الأخرى؛ فالفرص والحظوظ من الوظائف تشبعت بها المدن الخمس، حتى أن تنمية مدن المحور (شرق - غرب) جاءت في بعض الحالات على حساب المناطق الأخرى التي لم تأخذ نصيبها من الميزانيات المالية والوظائف.