الرياض - واس:
تتسم العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بالتواصل والود والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين، وتشهد تطورًا مستمرًا في كل المستويات انطلاقًا من الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بينهما تجاه مختلف القضايا وروابط الأخوة ووشائج القربى والمصاهرة والنسب ووحدة المصير والهدف المشترك التي تجمع بين شعبيهما فضلاً عن جوارهما الجغرافي وعضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية.
وترجع العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين إلى الدولة السعودية الأولى ( 1745- 1818م) فالدولة السعودية الثانية (1840- 1891م)، ثم جاءت أول زيارة للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - تغمده الله
بواسع رحمته - لمملكة البحرين ليزور الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين، حيث قوبل الملك المؤسس في تلك الزيارة بحفاوة بالغة من قبل الشيخ عيسى، ودار حوار بين العاهلين، واستمرت إقامة الملك عبدالعزيز يومين كان فيها موضع حفاوة
وتكريم من قبل الحكام والشعب على السواء.
وبعد زيارة الملك عبدالعزيز بحوالي سبع سنوات، وفي العاشر من شهر شوال 1356هـ ، الموافق 15 ديسمبر 1937م على وجه التحديد زار الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله -، حيث كان في ذلك الوقت ولياً للعهد، الشيخ حمد شيخ البحرين وتوالت الزيارات بين القيادتين منذ بدأ فجر جديد على تأسيس المملكة العربية السعودية.
واستمرت الزيارات المتبادلة بين القيادتين في جميع المناسبات والإنجازات في البلدين وهذا خير دليل على تأكيد عمق هذه الروابط الأخوية بين القيادتين والشعبين الشقيقين وخصوصاً أن العديد من العائلات البحرينية والسعودية تحديدًا في المنطقة الشرقية تربطها علاقات أسرية ونسب.
ولا شك أن الاهتمام المتنامي من قبل القيادة السياسية في المملكتين يؤكّد عمق العلاقة والتطور في مجالات التعاون بين البلدين ويشكل حافزًا كبيرًا للارتقاء بشكل العلاقات الثنائية وتعدد مجالاته في المستقبل بما يعود بالنفع والخير على الشعبين الشقيقين.
وتمتاز علاقات المملكة العربية السعودية مع مملكة البحرين بعمقها وحميميتها وخصوصيتها مع ما شهده البلدان الشقيقان من حدث تاريخي مهم تمثّل في افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهما الله - جسر الملك فهد في ربيع الأول من عام 1407هـ الذي ربط البحرين بشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشكل نقطة تحول باتجاه التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.
وفي الصعيد السياسي شهدت العلاقات بين البلدين حجمًا كبيرًا من التنسيق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث يتبنى البلدان رؤية موحدة بضرورة وجود حل عادل يضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة ودعم عملية السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى إيمانهما بضرورة دفع الجهود نحو
استقرار الأوضاع في العراق فضلاً عن التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار المشترك وتفعيل العمل الدولي والخليجي والعربي المشترك.
وتترجم معنى الشراكة الحقيقية وتعميق التعاون في المجالات كافة بين البلدين علاقات التقارب والإخوة، بما ينعكس إيجابًا على وحدة وتماسك الصف الخليجي والعربي.
وكان لتوجهات قيادتي البلدين دور بارز في تعزيز ودعم التعاون الذي جسدته المشروعات المشتركة وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين ما أسهم في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين، التي تعزّزت بشكل كبير بعد افتتاح جسر الملك فهد عام 1986 .
كما أن مملكة البحرين بفضل ما تتمتع به من سياسات اقتصادية تقوم على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل وسن تشريعات تحمي المستثمرين والاستثمارات، استطاعت أن تستقطب الكثير من الاستثمارات السعودية إليها وأصبحت تستحوذ على النصيب الأوفر من السوق الاستثمارية البحرينية.
وعلى الصعيد الاقتصادي الذي يمثّل أبرز مجالات التعاون بين البلدين تعد المملكة الشريك التجاري الأول للبحرين، منذ القدم حيث كان اقتصاد البحرين يعتمد على صيد اللؤلؤ، ونظرًا لأنها كانت المركز الرئيس لتجارة اللؤلؤ في الخليج، حيث يستخرج من الشواطئ السعوديةش ويعرض للبيع في أسواق اللؤلؤ بالبحرين، إلى جانب ما تصدره المملكة من تمور وماشية وصناعات يدوية للبحرين.
وقد كان لتوجيهات قيادتي البلدين دور بارز في تعزيز ودعم التعاون الذي جسدته المشروعات المشتركة وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين، حيث أسهم ذلك في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين.
وتمثّل المملكة العربية السعودية عمقًا إستراتيجيًا اقتصاديًا لمملكة البحرين كونها سوقاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية، كما تمثّل البحرين امتدادًا للسوق السعودية في ترويج البضائع والمنتجات السعودية، وفي هذا الإطار يضطلع مجلس رجال الأعمال البحرينيين والسعوديين بدور كبير في سبيل زيادة حجم الأعمال والمشاريع المشتركة.
هذا وتشهد الحركة السياحة بين البلدين تناميًا ملحوظًا بفضل الإجراءات التي اتخذها البلدان فيما يتعلّق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد ومنها ما يتضمن السماح للسعوديين والبحرينيين بالدخول في كلا البلدين ببطاقات الهوية فقط، إضافة إلى
الجهود التي تبذلها البحرين لتنمية النشاط السياحي من خلال إقامة المنشآت السياحية المتطورة وتشجيع السياحة العائلية وسياحة اليوم الواحد التي جذبت عددًا كبيرًا من السعوديين نظرًا للقرب الجغرافي وسهولة الدخول عبر جسر الملك فهد الذي لا يتجاوز طوله 25 كيلو مترا بين البحرين والمنطقة الشرقية، حيث يبلغ عدد السائحين سنويًا لمملكة البحرين أكثر من 4 ملايين زائر.
وفي الشأن الثقافي فعلاقات التعاون بين البلدين متشعبة وتغطي جميع المجالات الفنية والأدبية والتراثية والإعلامية، حيث تقام معارض الفنون التشكيلية بصفة دورية في كلا البلدين، إضافة إلى اهتمام البلدين بتنظيم مهرجانات الأيام الثقافية سنويًا، كما أن البحرين تحرص على المشاركات في فعاليات المهرجانات السعودية ومنها مشاركتها في مهرجان الجنادرية بشكل سنوي، ويعد الجناح الخاص بالبحرين من أكبر الأجنحة الخليجية وذلك لما تعكسه المشاركة من مدى الترابط الثقافي القوي الذي يربط بين البلدين.