د. عبدالواحد الحميد
يوجد قطاع غير ربحي واسع في بلادنا لا تتحقق الاستفادة الكاملة منه لأنه مكبل بقيود وممارسات تقليدية سارت عليها الجمعيات والمؤسسات والمنظمات العاملة في ذلك القطاع على مدى سنوات طويلة جداً، فحرمت الوطن والمواطن مما يمكن أن يحققه ذلك القطاع من نتائج وإسهامات، وبخاصة في مجال التوظيف والإنتاج.
هذه الممارسات التقليدية تراكمت بسبب قصور في الجوانب التنظيمية التي تحدد وظائف ومسارات عمل المؤسسات التي تعمل في هذا المجال، وكذلك بسبب عدم المواكبة لما وصلت إليه الإدارة الحديثة العاملة في القطاع غير الربحي في العديد من الدول، وكذلك عدم الاستفادة من القنوات التمويلية الممكنة وتكوين الصناديق الوقفية واستثمار أصولها المالية بطريقة أكثر كفاءة.
وقد عقدت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مؤخراً منتدى عن تطوير القطاع غير الربحي تحدث فيه العديد من الخبراء عن أهمية هذا القطاع على المستوى العالمي.
ففي السابق كانت النظرة إلى القطاع غير الربحي على أنه مقتصر على العمل الخيري الصرف كالبر والإحسان، لكن الممارسات العالمية الناجحة في هذا المجال أثبتت أن بالإمكان إحداث نقلة للقطاع وتحويله من مجرد قطاع للعمل الخيري الصرف إلى قطاع يسهم في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويتيح مجالات لتوظيف المواطنين دون أن يتعارض ذلك مع أهدافه النبيلة في ممارسة الأعمال الخيرية المتنوعة بل يدعمها ويعزز استمراريتها وعدم تعرضها للتذبب.
وكما تحدث أحد المحاضرين الأجانب في المنتدى، فإن من الضرورة بمكان أن يتحول القطاع غير الربحي إلى «الاستثمار لضمان الاستدامة المالية وانخفاض المنح والتبرعات». ويتضح من الإحصائيات المتعلقة بمصادر تمويل مؤسسات ذلك القطاع في البلدان المتقدمة تزايد عائدات استثمارها بدلاً من الاعتماد الكامل على التبرعات الفردية والمنح والمساعدات الحكومية.
ومما يؤسف له أن عديدًا من المؤسسات العاملة في القطاع غير الربحي في المملكة تعتمد في أداء أعمالها على غير السعوديين في حين يمكن أن تتيح تلك المؤسسات مجالات واسعة لتوظيف السعوديين سواء في الوظائف التخصصية المتقدمة أو في الوظائف العادية أو الدنيا.
لعل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وهي جهة حكومية رئيسة في تنظيم عمل المؤسسات غير الربحية وتنظيم سوق العمل، تبادر إلى تفعيل توصيات هذا المنتدى وما ورد في الأوراق المقدمة فيه وتسارع إلى تطوير الأنظمة واللوائح التي تحكم عمل مؤسسات القطاع غير الربحي لتواكب التجارب العالمية الناجحة.