سامى اليوسف
المدرب الوطني هو الحلقة الأضعف في منظومة عمل كرة القدم السعودية، هذه حقيقة. نحو 1400 مدرب كروي ما بين معتمد، وغير معتمد لا يجدون الفرصة الكافية لمزاولة المهنة في الأندية المحلية، لا تتوفر لهم بيئة عمل آمنة، وليست لديهم «رابطة مدربين» أسوة بالاتحادات الكروية المتقدمة، ولا يضمن غالبيتهم حفظ حقوقه المادية والأدبية، بل إن عقودهم لا توثق من اتحاد الكرة، وهذا من أبسط حقوقهم.
في دوري جميل للمحترفين، لدينا مدربان سعوديان، سامي الجابر «الشباب»، خالد القروني «الباطن»، ولعل الأخير جاء ليعوض رحيل حمد الدوسري بعد فك إدارة القادسية الارتباط معه. في دوري الدرجة الأولى، لدينا ثلاثة مدربين وطنيين: عبدالوهاب الدوكالي «أحد»، سمير هلال «هجر»، خليل المصري «الحزم»، وقد يغادر أحدهم منصبه بقرار إداري عندما ترى هذه الأسطر النور عبر هذه الزاوية!
إن أبرز المعوقات التي تعترض درب المدربين الوطنيين، في رأيي، تكمن في النقاط التالية:
@ عدم توثيق عقود المدربين من الاتحاد السعودي لكرة القدم.
@ عدم استصدار بطاقة عمل لكل مدرب وطني يتعاقد النادي معه.
@ عدم وجود تصنيف للمدربين يرتبط مباشرة بدرجة ونوعية الفئة السنية، أو الدرجة التي يجب على كل مدرب الإشراف عليها بناءً على رخصته.
@ ضياع الحقوق الأدبية والمادية للمدربين بسبب تعنت، ومزاجية، أو جشع ومماطلات رؤساء الأندية.
@ تكتل المدربين العرب، وخصوصًا التوانسة الطارد للمدربين الوطنيين في أندية الدرجات الأولى والثانية.
@ الصورة السلبية التي يرسمها، ويرسخها الإعلام عن المدرب في ذهنية المتلقي باعتباره «مدرب طوارئ»، أو التقليل من تأهيله، ورخصته التدريبية، وتجاربه.
@ عدم توفر الفرصة الحقيقية للمدربين، في ظل تنامي أعدادهم، فالعرض بات يفوق الطلب، في ظل إنحسار الفرصة، وتقييد الصلاحيات.
@ عدم وجود «رابطة المدربين « التي تدافع عن حقوق المدرب الوطني.
على الرغم من الانتقاد الذي نوجهه لاتحاد الكرة في هذا الشأن، إلا أننا يجب أن نحسب لإدارة أحمد عيد، بكل موضوعية، منحها للمدرب الوطني الفرصة كاملة له في تدريب المنتخبات الوطنية، وندلل هنا بوجود المدربين: فيصل البدين، يوسف عنبر وسعد الشهري، وهم الأبرز.
ولعل إتاحة الفرصة للمدرب الوطني في تدريب المنتخبات ليست وليدة اتحاد عيد، فالسابقون بقيادة الأمراء فيصل بن فهد -رحمه الله-، وشقيقه الأمير سلطان، ونجله الأمير نواف أتاحوا الفرصة للمدربين: خليل الزياني، راشد خليفة، محمد الخراشي، الخاتم، السلوة، ناصر الجوهر، القروني وغيرهم.
حلول وتوصـيات
يقف على رأس الحلول العلاجية، أو التوصيات الناجعة سرعة استحداث «لجنة المدربين» الوطنيين، التي أوصى بها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وهي تُعنى بشؤون المدربين، تدافع عن حقوقهم وتنظم شؤونهم، وتعمل على التصنيف، والتقييم الدوري المعتمد، وإصدار الاحصاءات الرسمية عنهم، والتجديد للرخص بشكل دوري.
وعلى صعيد الإجراءات التي توفر بيئة عمل إيجابية، ومحفزة لهم من قبل اتحاد الكرة:
@ توثيق عقود المدربين.
@ إصدار بطاقات العمل التعريفية بالمدربين العاملين، التي تسهل مهامهم، وتحفظ حقوقهم.
@ ربط حقوق المدربين المتأخرة بغرفة فض المنازعات، أو لجنة الاحتراف بحيث يُمنع النادي من التعاقد مع أي مدرب ما لم يسدد حقوق المدرب الوطني المتأخرة، أو جدولتها بموافقته للتصدي لمماطلة وتحايل إدارات الأندية.
@ العمل الجاد على توفير فرص عمل حقيقية من خلال تشجيع وتحفيز الأندية للتعاقد مع المدربين الوطنيين في الفئات السنية، أو إعلان حصرية دوريات الدرجتين الثانية، والثالثة، أو الأولمبي على المدربين الوطنيين بقرار إلزامي، وتحمل نسبة مئوية من مرتبات المدربين مع هذه الأندية تشجيعًا للطرفين المدرب والنادي.
@ الحد من «تجارة المدربين العرب أو الأجانب»، التي تتيح لهم سهولة الانتقال في نفس الموسم لتدريب فريقين، أو ثلاثة دون قيود الأمر الذي يقلل من فرص المدرب الوطني خاصة مع أندية الأولى والثانية.
@ قيام الإعلام الرياضي بتحسين الصورة الذهنية للمدرب عند المتلقي، وحث المستثمرين في الرياضة برعاية تطوير مهارة المدرب الوطني من خلال تكفله بدورات داخلية، أو خارجية متقدمة ترفع من مستوى كفاءته وتأهيله.
مرشح يماطل المدربين في حقوقهم
المضحك.. المبكي في آن واحد، أن أحد المرشحين لعضوية مجلس إدارة الاتحاد السعودي «الجديد» في الانتخابات المقبلة، وهو رئيس حالٍ لأحد أندية الدرجة الأولى، يرفع شعار الاحترافية وتوفير بيئة آمنة لممارسة كرة القدم في حين ما زال يماطل مدربين وطنييّن في منحهما حقوقهما، المادية (لا تزيد عن 100 ألف)، منذ ما يزيد عن «عشرة» أشهر، بل وأنهى علاقة إدارته بالمدربين بطريقة غير لائقة، أو «مريحة» بشكل يتماشى وحضارية أدبيات التعامل في مثل هذه الحالات، وهنا نتساءل عن استغفال الأندية، والرأي العام في شعارات وأهداف حملته الانتخابية التي لا تتطابق وواقعه، أو حقيقة معاملاته!!.
أين رخص الأجانب؟
ونطرح سؤالاً مهمًا في هذا السياق على مسؤولي اتحاد الكرة يدعو في مضمونه إلى ضرورة المساواة في التعامل مع المدربين الأجانب والوطنيين: هل قدم المدربون الأجانب، ومن معهم في الأجهزة الفنية رخصهم التدريبية بتصنيفاتها المعتمدة من الفيفا للاتحاد قبيل اعتمادهم كمدربين عاملين في دوري المحترفين؟!.
وهل يعلم مسؤولو الاتحاد بأن بعض المساعدين للمدربين الأجانب لا يملكون رخصًا تدريبية موثقة رسميًا؟!.
ختامًا، أذكر سمو رئيس هيئة الرياضة، ورئيس الاتحاد السعودي القادم، ومسؤولي الأندية بأن المدرب الوطني، خاصة المتفرغ، هو في الأساس مواطن سعودي، مثله مثل اللاعب والحكم، عليه التزامات ومسؤوليات تجاه أسرته تتطلب الوفاء بها في أوقات محددة مثل رسوم مدارس أبنائه، وإيجار منزله، وأقساط سيارته، أو القرض البنكي، بخلاف شؤون حياته اليومية، أو العلاجية، والنفقات اللازمة التي تتطلب وفاء إدارات الأندية تسليمه حقوقه بانتظام، ودون مماطلة تجلب له الضرر، أو تضطره أعباء ديون ترهق كاهله، وتشوش على تركيزه في مهمته كمدرب.
أخيـرًا،
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرءِ من وقع الحسـام المهـندِ
«طرفة بن العبد»