د. أحمد الفراج
يحاول الفريق المحيط بالرئيس المنتخب، دونالد ترمب، أن يكبح جماح طموحاته المتسارعة للتغيير، في بلد يرى ترمب أنه يسير إلى الهاوية، ويبذل فريق ترمب، برئاسة نائبه المحافظ، مايك بنس، كل جهد ممكن، ليكون ترمب سياسياً أكثر منه رجل أعمال، أي أن يراعي تقاليد هذه الديمقراطية العريقة، فترمب عاش حياته حراً، يفعل ما يريد، وتعامل مع الساسة فيما مضى كرجل أعمال، وبالتالي يعرف أدق التفاصيل، عن عمل اللوبيات المتنفذة، وعن دور المال في الحياة السياسية الأمريكية، ويطمح إلى إحداث تغييرات جذرية، قد تقلب عمل المؤسسة الرسمية الأمريكية، أو الدولة العميقة، رأساً على عقب، ولن تكون هذه مهمة سهلة، في ظل تقاليد سياسية عريقة، عمرها يتجاوز القرنين، ولكنه ما زال مصراً على ذلك.
ترمب ليس مديناً لأحد، عدا أنصاره المخلصين، الذين أوصلوه للمكتب البيضاوي، وهو يعلم ذلك جيداً، فقد حاربه الإعلام بكل شراسة، وانحاز بوضوح غير مسبوق لغريمته، هيلاري كلينتون، ويكفي تحاشي هذا الإعلام لنشر فضائح هيلاري، مثل فضيحة البريد الإلكتروني، في الوقت الذي راح هذا الإعلام ينبش في أرشيف ترمب ويبحث في كل ملفاته السرية، لينشر كل الفضائح الممكنة عنه، وهو ما حدث، كما أن المؤسسة الرسمية كانت تفكر بالتخلّي عنه، إذ إن الحزب الجمهوري، الذي يمثّله ترمب، لم يقف معه إلا مرغماً، بعد أن أدرك أنه لا يستطيع صد سيل شعبيته الجارفة، وحتى بعد مساندة الحزب له، تخلّى عنه كثير من الأسماء الجمهورية البارزة، وأعلنت أنها لن تصوّت له، مثل الرئيس السابق، جورج بوش الأب، ومرشح الجمهوريين للرئاسة، في 2012، ميت رومني، وحاكم ولاية أوهايو البارز، الجمهوري جون كيشك، وغيرهم كثير، ولذا فقد اعتقد معظم المعلقين أنه خاسر لا محالة، ولكنه فعل المستحيل وانتصر.
لكل هذا، فإن ترمب وضع نصب عينيه تحقيق تطلعات أنصاره، الذين انتقموا له، رغماً عن كل خصومه، وهذا هو ما يفسر معظم ترشيحاته لأركان إدارته، وهم من الأبطال، في نظر جمهوره المخلص، مثل كبير الإستراتيجيين، ستيف بانون، ووزير العدل، جيف سيشون، ومدير السي آي إي، مايك بومبيو، ولن يكون آخرهم وزير الدفاع، الجنرال المرموق، والمحارب الشرس، الذي يلقب بالكلب المسعور، جيمز ماتس، ومن المتوقّع أن تستمر ثورة ترمب على المؤسسة الرسمية، التي خذلته، وعلى وسائل الإعلام، التي انحازت ضده، وقد لا يتمكّن من تحقيق كل ما يريد. هذا، ولكنه قد يحدث فرقاً في آلية عمل الإدارة الأمريكية مستقبلاً، فهو يتمتع بشخصية قوية، كما أن معظم مساعديه من الصقور الجمهورية، وعلاوة على ذلك، فهو يركن إلى شعبية جارفة، وما علينا إلا الترقب، على أمل أن يكون كل ذلك في صالح قضايا منطقتنا الملتهبة، خصوصاً في الخليج، والذي همش أوباما تحالفه الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، ومثلما أحدث فوز ترمب زلزالاً في الداخل الأمريكي، فإننا نأمل أن يحدث زلزالاً إيجابيا لصالحنا، ولعل ذلك يكون قريبا!