عبدالحفيظ الشمري
من أقوى التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث هي حماية حياة الإنسان، وصون حقوقه، ومراعاة واجباته، والتقليل من آثار الحروب والصراعات التي يكون غالباً هو المتضرّر الرئيس، والخاسر الأكبر؛ لا سيما في ظل اتخاذ قرارات سياسية كارثية؛ تقود عادة إلى ويلات حروب، وخراب على كافة الأصعدة، وفي كل مناحي الحياة.
وحينما نتأمل مجالات «حقوق الإنسان» لا بد أن يظهر في هذا السياق أمران مهمان يتمثّلان في «حماية الإنسان» و»صيانة حقوقه» ليصبح هذا التلازم بين الحماية والصيانة هو الشرط الأساسي لتقديم خدمة أفضل للمجتمعات؛ تتمثَّل في حمايته من الأخطار التي تحدق به، لا سيما الأطفال وكبار السن في ظل وجود الصراعات والحروب المدمرة، كما أن صيانة هذه الحقوق تظل مطلباً حضارياً، والتزاماً أخلاقياً يتمثّل في توفير الغطاء القانوني، والقرارات التنظيمية الملزمة؛ لينال الجميع حقوقهم في هذا العالم.
ولا تزال نبرة المناشدة لدى الإنسان في هذا العصر عالية ومؤثِّرة، وتحمل الكثير من الآلام والأوجاع التي تسببت فيها الحروب، والنزاعات، والمجاعات، وضياع الحقوق، وغياب الأنظمة الرشيدة، وسيطرة الجيوش والعساكر على مقدرات بعض المجتمعات حتى سلبتها أبسط الحقوق؛ إلا أن هذه المناشدات الفردية، وشبه الجماعية، والشخصيات المؤثِّرة، وما انضم إليها من مؤسسات مدنية، ومنظمات عالمية فإنها لا تزال تحتاج إلى قوة دفع أكبر؛ من أجل ترسيخ مبدأ حقوق الإنسان ورعايته.
ومن أبرز ما يمكن أن يشكِّل تحولاً نوعياً نحو الأفضل في مجال حقوق الإنسان هو الالتزام بجميع المعاهدات الدولية، وتطبيق معايير الأمان والعدالة، وترشيد سبل العطاء من أجل مجتمعات أفضل. كما أنه من المفيد والناجز في هذا المشروع العالمي أن تكون هذه المنظمات الدولية قائمة على العدل وتساوي الفرص، وعدم الكيل بعدة مكاييل تجاه قضايا المجتمعات التي تعاني الكثير من المشاكل والقلاقل، فالمعاهدات الدولية في مجال الحقوق والواجبات سبق لها وإن أعدت بشكل نظري متقن، ولا لبس فيه، إلا أن الأمر الأهم هو تطبيقها على أرض الواقع؛ لتكون مصدر أمان، وعون لمثل هذه المجتمعات التي تعاني في كافة المجالات؛ المعنوية والمادية على مدى عقود طويلة.
ويسبق هذا الاهتمام بقيم العدالة والمساواة في مجال حقوق الإنسان أمر مهم يتمثَّل في الجهد العملي الواضح؛ وذلك بتوفير بيئة إنسانية متكاملة. تسعى إلى القضاء على الثالوث الخطير المتمثِّل في الفقر والمجاعة والجهل؛ أي أن يكون هناك المزيد من الاهتمام بالتنمية الشاملة، وتوفير الغذاء الجيد، والماء النقي، والتعليم المناسب. وحينما تتوافر هذه الضرورات الثلاث فإن الاهتمام بحقوق الإنسان يأتي على هيئة مطالب حيوية فاعلة.. تناشدنا سرعة الحلول، ونجاعة العلاج، وسلامة المنطلق في بناء تنمية مستدامة تحقق أهدافها ومراميها.