رجاء العتيبي
عقب أشهر وأهم زيارة خليجية حدثت خلال الأسبوعين الماضيين، قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في موقعه الرسمي على «تويتر»: «إن دول الخليج العربية وشعوبها لها في وجداني الكثير من التقدير، وما لمسته خلال زياراتي يبرز واقع الترابط القوي بين شعوبنا، ووحدة صفنا».
هذا التصريح له أهميته خليجيًّا، وتحديدًا في الوقت الراهن الذي يموج بتحركات إيرانية مشبوهة، لا تشي بأي حسن نية. الزيارة الكريمة التي كانت محل حفاوة وتقدير من إخوانه أمراء وملوك الخليج كانت بمنزلة السد المنيع الذي يقف في وجه الأطماع الإيرانية التي تثيرها تصريحات ساستها بين فينة وأخرى.
استطاعت الفنون الخليجية أن تواكب الحدث في هذه الزيارة؛ إذ قدمت الإمارات والبحرين وقطر والكويت وصلات ثقافية وفنية وشعبية، عبَّرت بها الشعوب الخليجية عما تكنه لقادة الخليج من حب وولاء وإخلاص.
وفي آخر زيارة للكويت استطاع الفن الكويتي أن يلخص الفن السعودي في 6 دقائق على مسرح دار الأوبرا الكويتية، كانت من أمتع الفقرات التي شاهدناها وسط أجواء من الأداء الاستعراضي المتقن لطلاب وطالبات المدارس الكويتية، وخلفية (جرافيك موشن) مصممة بعناية، ظهرت بشكل مؤثر على الشاشات الخلفية، التي لاقت تفاعلاً خليجيًّا وسعوديًّا على قنوات التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة.
هذه الدقائق المدهشة ضمت 17 أغنية سعودية، اختيرت بعناية، شملت جميع الألوان الفنية، وقدمها الكويتيون بتوزيع موسيقي احترافي وإيقاعات متقنة. ورغم اختلاف مقامات وإيقاعات الأغاني إلا أنها جاءت متسقة مع بعضها؛ إذ لا تشعر بأي (نشاز) بين الانتقالات؛ ما يجعلك أمام موسيقيين احترافيين واستديوهات فخمة، تعيد لنا الفن الكويتي الجميل.
وبهذا تكون خشبة دار الأوبرا الكويتية قد ضمت أشهر وأهم حدث فني خليجي حينما أكدت أن الخليجيين جسد واحد.. وهي بمنزلة حالة رمزية تعكس أن الكيانات الخليجية العربية لا يمكن أن تنفصل مهما كانت الظروف المحيطة بها.
والفنون بجميع ألوانها لا تقل أهمية عن التجهيزات العسكرية؛ فكلامها مكمل للآخر؛ فإذا كانت المسارح تصدح بالفنون الخليجية فإن الجيوش بكامل عتادها العكسري كانت قبل ذلك في مضيق هرمز لإجراء مناورات عسكرية خليجية، وقبلها كانوا في رعد الشمال، وقبل ذلك كانوا في اليمن في أهم تحالف عربي يشهده التاريخ.
الذين ينتقدون السياسات الخليجية في مجال الثقافة والفنون عليهم أن يدركوا أن دول الخليج تعرف متى تحتفل ومتى تحارب، متى تؤسس للثقافة والفنون ومتى تؤسس للعسكرية، وإلغاء أحدها لا ينتج سوى كائن خليجي غير مؤثر.