عبده الأسمري
في المواقع العامة وفي أماكن العمل والجهات السياحية أو قطاعات الخدمات يختفي الجمال ويندثر التفاؤل وتتلاشى البهجة، فالجو العام يخلو من هذه العوامل.. لا يوجد لدينا صناعة حقيقية للجمال في هذه الجهات فلا نجد في المستشفيات حدائق ينتقل إليها المريض أو وسائل ترفيه أو أساليب تبث رسائل التفاؤل، ولا يوجد في القطاعات المختلفة إلا الازدحام أو الرسمية أو التعقيد الذي يطغى على المراجع.
الجمال منحة ربانية وهبة إلهية وتبقى صناعته بيد الإنسان فمن أراد أن يشكل خارطة الجمال فلديه عشرات الطرق في منزله وفي حيه وفي عمله وفي كل مسالك حياته، فالابتسامة تبرز الجمال والكلمة الطيبة توظف معانيه والأسلوب الراقي يرسم ملامحه والتعامل الحضاري يشكل حدوده والتعاون يضع عنوانه.
الجمال هو زراعة الخير في دروب الآخرين في تكافل مجتمعي يشيع الحب والوئام كمنطلق إنساني، الجمال في زراعة حديقة غناء ترسم لوحة جميلة بمستشفى، الجمال في عيادة طبية تزرع الطمأنينة في نفوس المرضى في استقبال مبتسم الجمال في عبارات اطمئنان يزرعها الطبيب أمام المريض حتى وان كان أمام الموت، صناعة الجمال في مدرسة تغير بيروقراطية الدراسة أمام الطلاب وتضع المفاجآت السارة أمامهم، الجمال في إهداء مفاجئ من معلم لطلابه في تشجيع من مدير لمعلميه، الجمال في خدمات ترحيب وترغيب يجدها المراجع في إدارات حكومية تحولت إلى مكمن سوء وبيئة طاردة للراحة، الجمال في تغيير رداء الأسلوب السياحي في الخدمة والموقع للباحثين عن الترفية، الجمال في كتب جميلة توزع بالمجان في مقهى للباحثين عن المعرفة، الجمال في احتضان أطفال أيتام في نزهة يوم بشكل بهيج، الجمال في بث روح التعاون لسداد دين أو قضاء أمر أو تفريج هم مكلومين ينازعون الغم في أمورهم، هناك من ينظر لزاوية قلق واحدة ليشبعها تفكيراً حتى تتحول إلى كتل من السوء والبؤس بينما يتجاهل كل الجهات الأخرى التي تمتلئ بنعم الله.
لدينا أزمة عميقة في معرفة ماهية الجمال وسمة التفاؤل وكيف نوظفها في الحياة، بل إن هنالك من يعاديها في المجتمع.
الجمال هو مادة خام متوفرة متى ما بحثنا عنها والأقرب لمصدرها ذواتنا ومتى ما انطلقت منها شكلت مع الآخرين نموذج حياة وسلوك بشري من مضاعفة الجمال أن يشاع ويبقى ليؤطر السعادة. نحتاج الجمال والتفاؤل وهي مسجوعة في قلب أي إنسان فقط عليه البحث عنها ومجموعة في عقله عليه أن ينثر مفرداتها ويشبع بها حياته وحياة الآخرين فقط إخراجها من منبعها لا أن تظل مكنوزة دون استهلاكها دون إفادة النفس بها حتى تندثر وتطغى عليها ملامح أخرى فهي تتوالد وترتفع بالتوظيف الحقيقي لها فقط وتزول عندما يتم تجاهلها وطمسها بمفردات أخرى تخالفها في القيمة والمنتج.