يوسف المحيميد
عندما يعلن وزير تعليم عن إلغاء تخصصات دراسية في الجامعات، فقط لأنها لا تناسب سوق العمل، نشعر أننا أمام وزير عمل يعلن عن إلغاء تخصصات في مراكز التدريب، وزير عمل يسعى إلى تطوير هذه المراكز وتجديد مجالاتها يما يتفق مع الطلب في السوق، أما أن يمارس ذلك الدور وزير تعليم فهو كما لو كان يشير إلى الرغبة في تحويل هذه الجامعات إلى مراكز تدريب فنية مهنية!
أعتقد أن ثمة خلل واضح في فهم التعليم الجامعي، وما إذا كان مرتبطا بالتوظيف، وبسوق العمل، أم بالعلم والبحث والدراسة، وليس بالسوق، فالجامعات هي مراكز أبحاث بالدرجة الأولى، وليست مراكز تدريب، فمثل هذا القرار/ الإعلان، يؤكد القول إننا نتحرك بشكل فردي، واستشارات فردية، وليس بموجب خطط ودراسات ووضع استراتيجيات تتضمن أهدافا وسياسات وآليات تنفيذ، ومراجعتها كل فترة من الزمن، كي نصل إلى تعليم متطور متجدد قادر على المنافسة مع الدول المتقدمة وتجاربها، وقد كتبت مرارا، حول تبنى الوزارات استراتيجيات معتمدة، يقتصر دور الوزير أي وزير جديد على السير في تنفيذها بأداء أفضل وأسرع وبآليات جديدة، أو تطويرها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وهي الجامعات في هذه الحالة، واللجان المختصة بمجلس الشورى.
لقد أصبح المواطن يدرس ويتعلم ويعمل وهو يضع يده على قلبه، لا يعرف شيئًا عن مفاجآت الغد، قرارات يتم اتخاذها، وقرارات تُلغى، وكلها ذات علاقة مباشرة بالمواطن، لكنه آخر من يعلم، حتى أصبح لا يثق بشيء، ولا بالمستقبل القريب، وأصبحت الشائعات تحط على أذنيه من كل حدب وصوب، من الواتساب وتويتر ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل قراراته هو الآخر متخبطة، لا يعرف ماذا يريد، ولا يعرف ما يخبئه له الغد!
كنت أتمنى من وزير التعليم التمهل والتروي في اتخاذ مثل هذا القرار، فلا يمكن أن تحرم مواطنًا يرغب في دراسة الأدب، اللغة، التاريخ... إلى آخره. فقط لأن شركات المقاولات العامة، ومصانع الأغذية مثلا، لا ترغب في توظيفه! هل هذا مبرر لإلغاء التخصصات الأدبية مثلا؟ وهل الجامعة بأسلوبها الأكاديمي تعد جهة ملحقة بالشركات وقطاع العمل والسوق؟ علينا أن نفرق بين التعليم العام، والتعليم الجامعي، والتعليم الفني، والتدريب المهني، فالخلط بينها بمبرر حاجة السوق هو أمر غير مقبول، وغير منطقي.