«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
من النتائج المؤسفة والضاغطة والمتفاقمة يوما بعد يوم في سوريا تبرز قضية خطيرة هي المهاجرين واللاجئين في دول المنطقة ودول الغرب وتتضاعف النتائج مع مطلع كل شتاء حيث تواجه هذه الفئة المغلوب على أمرها من السوريين شتى ألوان العذاب ومرارة العيش وصعوبة الغربة. إذ أن غالبيتهم يأوون في مخيمات بعضها لا بأس به حيث تتوفر لهم فيها سبل الحياة من خلال إسكانهم في مساكن وشقق مستأجرة في لبنان والأردن وتركيا وحتى في مخيمات متكاملة الخدمات كما في مخيم الزعتري بالأردن. وهناك فئة أخرى تعيش في مخيمات متواضعة متناثرة في مناطق من لبنان والأردن وحتى العراق. وأما في بيوت من الخشب أو الصفيح أو خيام مهددة بالاقتلاع عند أول عاصفة ثلجية أو بالطوفان عند أول سيل من المطر..؟!
واللاجئون السوريون كانوا ومازالوا الأكثر صمتا والأكثر تضررا ومعاناة وحتى الأكثر نفعا لمن مات ضميره الإنساني فلقد تم استغلالهم خصوصا الفتيات والفتيان في أسواق النخاسة والرقيق بل وصل بالبعض أن يبيع أحد أعضائه البشرية ليعيش أو من خلال استغلاله من قبل تجار هذه السوق اللا إنسانية.. وما أكثر أسواق الاستغلال والابتزاز والمزايدة من قبل المهربين وغيرهم من المستغلين لظروف الهجرة أو اللجوء لهذه الدولة أو تلك..؟!
وتاريخ هجرة السوريين بعد مأساة الحرب. تعتبر من عمر المأساة وطغيان النظام وتصديه للمقاومة والمعارضة بأبشع الطرق والوسائل بل إنه استعان بقوة بحليفيه روسيا وإيران في سبيل استمرار ظلمه لشعبه. فكانت النتيجة المعاشة والمؤسفة ما نراه ومنذ سنوات من معاناة كبرى تشاهد كل يوم داخل المدن التي تهاجم يوميا بل على مدار الساعة. ومنذ ذلك الوقت والتاريخ المشؤوم عرفت المدن اللبنانية اول الهجرات والأردن والمملكة ودول الخليج وتركيا والعراق ومصر ومن بعض هذه الدول واصل بعضهم الهجرة واللجوء إلى أوربا، كثير منهم عن طريق البحر والبعض الآخر عن طريق الجو.. . وهكذا انتشر اللاجئون السوريون في شى دول العالم تقريبا وفي كل الحالات كان الضحية المواطن السوري المسكين ليس لسبب إلا كونه ينتمي لهذه الطائفة أو المذهب. فلم يتردد أن ذهب خارج حدود وطنه باحثا عن الأمن والاستقرار الذي افتقده في أرضه.
وكما أشرنا سابقا فإن مأساة اللاجئين تزداد وتتحول حياتهم إلى عذاب مضاعف مع قدوم فصل الشتاء وهطول الأمطار والثلج..لذلك تتصف بالتأزم والمعانة التي ليس لها نظير. ورغم ما يقدم لهم من مساعدات خصوا الذين يسكنون الخيام أو الأكشاك أو الذين يفترشون أرصفة في بعض دول أوربا. وفي الشتاء فالمساعدات والحصص الغذائية التي توزع عليهم بين فترة وأخرى من الجمعيات والهيئات والمنظمات الإنسانية عادة لا تكفي ولا تفي بالحاجة. وعندما يشتد البرد. ويبكي الأطفال ويبكي معهم أمهاتهم وأباؤهم تكون المشاهد مؤلمة حد الحز الدامي.؟!
وأخيرا مأساة سوريا واللاجئين والدمار الذي انتشر في العديد من المدن والقرى السورية تجسد حربا غريبة ومحزنة. حربا تختلف عن جميع الحروب في العالم فهي سف تتوقف وينتهي مسلسلها الدامي عندما يتنحى رئيس النظام. ويقتنع بأن لا مستقبل له في وطن ضحى بشعبه من أجل كرسيه البائس. وعندما نذكر هذه الحرب بأنها مأساة فهي والحق يقال أشبه با المآسي الغريبة والعجيبة ففي روايات اللا معقول.. وماذا بعد لقد نشرت الحكومة السورية المؤقتة في موقعها الإلكتروني في نهاية العام الماضي في مثل هذه الأيام إحصاءات مفصلة عن أعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار والعالم إذ تجاوز عددهم الخمسة ملايين نوردها فلنتصور بعدها كم هو حجم مأساتهم وحتى الدول التي تستضيفهم وحجم الأموال التي تصرف على هذه الاستضافة.. والتي لا يعرف أحد كم تستمر ومتى تنتهي..؟!