مهدي العبار العنزي
نهى القرآن الكريم عن التجسس في قول الباري عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} (الحجرات الآية 12)، وموقف الإسلام من التجسس واضح لا لبس فيه فقد حرمه بكل الوسائل لأنه يمثل الخطر المحدق والشر المستطير على حياة البشر واقتحام خصوصياتهم مما يجعلهم يعيشون في قلق مستمر وأن حياتهم مهددة بأي لحظة بالأخطار هذا على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع فما بالك بالتجسس على الكيان وزعزعة أمنه واستقراره واكتشاف أسراره، والانقياد للعدوان لدماره، والحيلولة دون تقدمه وازدهاره.
عرف التجسس في العلاقات بين الدول أنه يمثل الاعتداء السافر ولهذا فإن من يتجسس وهو يتمتع بالحصانة الدبلوماسية ويتم اكتشاف أمره يطرد من البلاد التي يتجسس عليها فورا ويعدم إذا لم يحمل هذه الحصانة؟ فما بالك عندما يتجسس على الوطن أحد أبنائه أو مجموعة منهم وهم يعيشون تحت ظله ينعمون بخيراته وينقادون لأطماع الدنيا ويخونون أماناتهم ومجتمعهم، يعطون للعدو ما أراد منهم بتجرد من الإنسانية والضمير، يتجسسون على قوة الوطن ومنشآته ومشاريعه وأوضاعه وأمنه والتجسس على أبنائه ومصادر قوتهم. نعم إنه عمل مشين ترفضه القيم ويرفضه الإسلام وكل الشرائع تعتبره جريمة بشعة؟
ومما يزيدها بشاعة أن هناك من أقسم على كتاب الله ألا يخون أمانته وألا يغدر بدولته وأن يكون سلماً لمن سالم ولاة أمره وحرباً على من حاربهم ولكن الله بالمرصاد ثم رجال هذا الوطن الأوفياء الذين نذروا أنفسهم ليكونوا مع دولتهم رغم كيد الحاقدين، إنهم رجال الأمن البواسل حماة الأرض والعرض ويمثلهم بكل اقتدار وعطاء وتفان رجال الأمن ورجال الاستخبارات وكل مواطن مخلص غيور والذين توحدت أفكارهم وأهدافهم وغاياتهم النبيلة في حفظ كرامة ومكانة وطن المجد والإباء بذلوا مجهودات وقائية ومجهودات دفاعية ومجهودات تعرضية ومجهودات هجومية هدفهم الوصول إلى أوكار الشر وأهله وإلقاء القبض عليهم ليقدموا للعدالة وها هو شرع الله يقول كلمته معتمدا على أدلة دامغة، لقد وقع أصحاب العقول المريضة والأهداف الشريرة وها هم ينالون الجزاء الذي يستحقونه لأن أعمالهم مشينة تتعارض مع الفطرة السليمة التي فطر الله عليها عباده. تركوا مبدأ الاستقامة، واتجهوا للأعمال الهدامة.