شارفت 20 سيدة من منطقة عسير على الانتهاء من صنع قطع أثاث وديكورات تجميلية بهوية القط العسيري سيتم وضعها في فندقين (5 نجوم) بمدينة الرياض، وذلك في إطار مشروع لإدخال المنتجات الحرفية السعودية في الفنادق يشرف عليه البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع» بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع مؤسسة جبل التركواز البريطانية التابعة للأمير تشارلز.
وسيتم تعليق عدد من اللوحات المزينة بالقط العسيري في ممرات وقاعات الفندقين إضافة إلى تجميل بعض الجدران والغرف وقطع الأثاث بالقط العسيري الذي يُعتبر أحد أهم الأعمال الحرفية السعودية.
وأكد المشرف العام على البرنامج الوطني للحرف الوطنية والصناعات اليدوية «بارع» الدكتور جاسر الحربش حرص البرنامج على توسيع المشاريع القائمة لحرفة القط سواء في الهدايا أو التصميم الداخلي للفنادق، والسعي لتعميمه بالتصاميم الداخلية للفنادق على وجه الخصوص.
وقال بأن البرنامج وقَّع اتفاقيات مع 11 فندقاً من أهم الفنادق في السعودية، للاستفادة من إنتاج أكثر من 500 حرفي وحرفية سعودية، أربعة منها تم التوقيع معها بشكل نهائي بقيمة إجمالية تتجاوز 3.5 مليون ريال كمرحلة أولى في وقت تم الاتفاق مع بقية الفنادق بشكل مبدئي، وهناك مباحثات مع فنادق أخرى سيتم الإعلان عنها فور الاتفاق معهم.
وأوضح الدكتور الحربش أن الاتفاقيات التي وقّعت لا تهتم بتلبية احتياجات كل فندق على الحرف اليدوية فحسب تهدف إلى تطوير خط إنتاج يتعلق بإضافة المنتجات الحرفية السعودية إلى الفنادق السعودية في الغرف والممرات وقاعات الاستقبال وغيرها، بحيث تكون مواكبة للنمط العالمي لتحقيق الوصول بالمنتج إلى سقف الاحترافية العالية.
مشيراً إلى أنه خلال أقل من عام واحد سوف تكون الحرف اليدوية السعودية منتشرة في هذه الفنادق.
وبيَّن الدكتور الحربش وجود مسارات أخرى يجري العمل عليها مثل الفعاليات المشتركة للحرف وتطوير مجال الطبخ السعودي مع الفنادق.
ونوه الحربش بالدعم الذي وجده الحرفيون من قِبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية للبرنامج وتحفيزهم من أجل تطوير منتجات حرفية تتناسب مع متطلبات الفندق والمعايير العالمية التي يطبقها وتعكس كذلك التراث الوطني السعودي.
وأضاف: ما يميز المنتجات التي سترى النور قريباً من خلال حرفيين وحرفيات سعوديات هو الدعم الفني من الشريك الرئيس لبرنامج بارع في مجال تطوير المنتج وهو مؤسسة جبل التركواز التابعة لمؤسسة الأمير تشارلز العالمية، إضافة إلى تشكيل فريق عمل بين بارع والفنادق لكل مشروع، بالإضافة إلى إنتاج هدايا حرفية تقدم لضيوف الفنادق، تركز على منتجات رئيسة وهي القط العسيري وتطبيقاته المختلفة والأعمال الخشبية (المشربيات الأبواب النوافذ)، إضافة إلى الزخارف الجبسية والسدو كذلك.
واعتبر الحربش أن أولى خطوات تطوير مشاريع المنتج الحرفي السعودي يكمن في التدريب، لذلك قامت الهيئة بإنشاء مركز التدريب والإنتاج الحرفي في جدة التاريخية، وكذلك مشروع تطوير القط العسيري في منطقة عسير، مؤكداً حاجة السوق إلى النمو والتطوير لأن الحرف اليدوية تُعتبر منتجاً جديداً لم ينضج بعد.
وأضاف أن من الخطوات المطروحة للمشروع هو دخول الحرفيين والحرفيات السعوديات في هذا المشروع وليس الاعتماد على مؤسسات خارجية، معتبراً دخول اثنين من الحرفيين المتميزين المهرة الذين يعتبرون مستشارين لبارع والذين أخذوا دورات مكثفة لدى مؤسسة الأمير تشارلز، وهم: المهندس أحمد عنقاوي المستشار في مجال الأعمال الخشبية، والمهندسة سارة العبدلي المستشارة في مجال الأعمال الجبسية، سيدعم بشكل كبير الاحترافية التي سينهج بها المشروع.
وعن الأثر الاقتصادي المتوقع لهذه الاتفاقيات قال الدكتور جاسر: هناك أثر مباشر يكمن في دخل إضافي مستمر للحرفيين المشاركين في المشروع لمدة تتراوح ما بين ثلاث وأربع سنوات وهو يعتبر أثراً مباشراً وواضحاً، وهناك أثر أشمل يتمثل في التأسيس لصناعة لها خطوط إنتاج ومعرفة احتياجات العميل وتطوير المنتج وضبط الجودة وغيرها، معتبراً أن قطاع الفنادق سوق حقيقي وفرص استثمارية مهمة للحرف.
بدورها أكدت منسقة الإنتاج والبرامج والدورات التدريبية في مؤسسة جبل التركواز البريطانية السيدة هايدي وجامي التي حوّلت عشقها لفن القط العسيري إلى خطوات تدريبية، أن البرنامج التدريبي يأتي ضمن مراحل متعددة إلى اختيار المبدعات في هذا الفن من سيدات منطقة عسير وتدريبهن وصقل مواهبهن في إنتاج تشكيلة تصاميم مكتملة من الصواني واللوحات المائية التي تستعمل الصبغة الطبيعية والتقليدية وتبادل مهارات معالجة وتحضير الصبغة مع الحرفيات لغاية تلوين الخشب والأوراق المصنوعة يدوياً.
وقالت هايدي إنها سعت من خلال البرنامج إلى إكساب المشاركات فيها جيداً لكيفية إنتاج تصاميم الصواني واللوحات المائية من خلال الاستعمال التقليدي للأصبغة، وذلك بهدف تسويق هذا المنتج لفنادق الرياض وجدة، مشيرة إلى سعي الهيئة من خلال هذا البرنامج لإيجاد خط إنتاج ومنظومة لإنتاج الصواني الجبسية واللوحات المائية عالية الجودة والثابتة لفائدة العملاء.
وبينت أن البرنامج شمل التدريب على مهارات تحضير محلول غراء جلد الأرنب والأصبغة المسخنة والصمغ العربي وصقل وتلميع ألواح الجبس والتدريب على الخطوط والتحضير لعملية التصميم واستخدام الأوراق الشفافة لنقل التصميم واستخدام الألوان المائية ومعالجة الرتوش وتنفيذ قطع فنية من النقش العسيري متقنة الصنع على الجبس والصواني واللوحات.
وشددت على أن السيدات السعوديات مبدعات، وأن هذا ما لمسته من رغبتهن في التعلُّم وامتلاكهن للطاقة والحيوية والصبر اللازم لإتقان العمل الفني، مضيفة: «إنني أعشق فن القط أو النقش العسيري، وهو فن غير معروف عالمياً ويحتاج إلى دعم ليصل للعالمية، وأجمل ما في هذا الفن أنه حيوي وملون ولا يمكن تجاهله، فهو يفرض نفسه في أي مكان ويقول للمتلقي انظر إلي هذا أنا»، متابعة: «أحببت هذا الفن أيضاً لأنه من صنع المرأة التي تعرف بحسها المرهف وفنها النابع من الطبيعة، وهو من الفنون التي يجب أن تصل للعالمية من خلال إيجاد خطوط إنتاج لإخراج هذا الفن إلى دائرة الضوء».
من جهته أكد سعيد بن عبد الله العسيري مساعد المدير التنفيذي بفندق الفيصلية، أن المشروع يُعد حلقة وصل تربط الفنادق بالحرفيين والمنتجات الحرفية حيث حرصت الدولة على دعم هذا القطاع وسخّرت كل السبل لتنميته، مشيراً إلى أنه سيسهم في المنافسة على إضافة لمسة جديدة بطابع تراثي للفنادق ولضيوفها، خاصة الضيوف من خارج المملكة كي تكون نقطة تعريف لهم بتراث وثقافة المملكة.
وبين أن مشاركة الفنادق ستكون من خلال هدايا بنوعين.. الأول: هدايا مميزة لضيوف الفندق.. والثاني: لكبار الشخصيات، مشيراً إلى أن الهدايا ستتميز بالتنوع من عدة نواحٍ مثل التصاميم والنوعيات، لافتاً إلى وضع اللمسات الأولى لكل نوع مع الجهات المختصة والمسؤولين، متطلعاً للمزيد من المشاركات بنشاطات مختلفة ومتنوعة.
وأفاد العسيري، أن المشروع سيفتح مجالات عديدة لانتشار المنتجات الحرفية وتوفير فرص العمل التي سيستفيد منها شريحة كبيرة من المجتمع، مشيراً إلى أنه سيسهم في رفع التوعية بالمنتجات الحرفية والمهارات الموجودة لدى الحرفيين التي ستضيف طابعاً جميلاً لقطاع الفنادق بالمملكة، فضلاً عن كونه مصدر دخل للحرفيين خلال السنوات القادمة مما يدفعهم للمزيد من إضافة الابتكارات واللمسات الجديدة إلى خطوط إنتاجهم.