د. عبدالواحد الحميد
ليلة افتتاح ملتقى ألوان السعودية الذي أطلقته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني حرصت ألاَّ يأخذني حفل الافتتاح الرسمي عن متعة الجولة بين المعارض العديدة التي تضم لوحات فنية وصوراً ضوئية في غاية الإبداع والجمال عن طبيعة بلادنا ومناطقها وتاريخها، فتجولت بين المعروضات حتى فاتني الحفل الرسمي الذي تابعته بعد ذلك عبر الشاشة.
من مفاجآت الملتقى ذات البعد الرمزي حضور وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الملتقى، وعندما دخل المعرض مع رئيس الهيئة سمو الأمير سلطان بن سلمان، سلمنا عليه نحن أعضاء مجلس إدارة الهيئة، وحرصت أن أسمع تعليقاته واستفساراته عن المعروضات لسبب يتعدى ما نحرص عليه عادةً من معرفة انطباعات الزوار الأجانب البارزين لمعارضنا وفعالياتنا، وإنما أيضا لأن وزير الخارجية البريطاني كان قد أدلى قبل قدومه بتصريحات غير موفقة حول بعض شؤوننا، وهي التصريحات التي جرَّت عليه العتب والتوبيخ من بعض أعضاء حكومته قبل أي جهة أخرى لأنها لم تكن منصفة سواء من حيث محتواها أو من حيث توقيتها.
ولذلك، عندما حدثت مفاجأة حضوره للمعرض، اعتبرت ترتيب تلك الزيارة ضربة معلم كي يفهم بوريس جونسون أن المملكة ليست مجرد حقل بترول أو صفقة سلاح، وإنما هي أيضا إبداع فني وطبيعة أخاذة ومواهب ومبادرات على النحو الذي يمثله هذا الملتقى الفني الإبداعي وأكثر.
وفوق ذلك، كانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني موفقة حين رتَّبت على عجل معرضاً مصوراً في أحد أقسام الملتقى عن التعاون والعلاقات السعودية البريطانية خلال مائة عام، بالإضافة إلى صور الرحالة البريطانيين الذي جابوا رمال الجزيرة العربية قبل مئات السنين وقبل اكتشاف النفط وبزوغ السعودية كقوة اقتصادية وعسكرية وسياسية في المنطقة والعالم.
لاحظت أن بوريس جونسون يسأل ويعلق ويشير بيده إلى الصور واللوحات مستفسراً عن مضامينها ومبدياً ملاحظاته وإعجابه، ففهمت أن الرسالة قد وصلت. فالسعودية، في واقعها الحالي وفي إمكانياتها المستقبلية، هي دولة مؤثرة وكبيرة بما تحتوي عليه من مصادر طبيعية وتنوع في الموارد والجغرافيا وبالعمق التاريخي المديد على النحو الذي أبرزته اللوحات والصور الضوئية البديعة المعروضة في الملتقى، وقبل ذلك بإنسانها الذي أبدع وأنتج وتجاوز الصور الذهنية النمطية التي يراد له أن يبدو عليها رغم كل ما حققه.
عموماً، ملتقى ألوان السعودية هو الملتقى الخامس، وهو فعالية إبداعية ثقافية ثابتة لا علاقة لتوقيتها ببوريس جونسون أو بغيره من الزوار الأجانب مع كل التقدير لهم، وإنما هي احتفاء وطني بالإبداع والمبدعين ومبادرة من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لكن الشيء بالشيء يذكر، ورُبَّ صدفةٍ خيرٌ من ميعاد.