خالد بن حمد المالك
من يعرف الملك سلمان - وكلنا نعرفه - لم تكن مفاجأة له هذه الشفافية والوضوح والصراحة التي تحدث بها خادم الحرمين الشريفين إلى مواطنيه من خلال قبة الشورى؛ فقد عوَّد مواطنيه على هذه السياسة في إدارته لشؤون الدولة، وحرصه على أن يكون الجميع في أجواء العمل الذي يتم، دون أن يسمح لنفسه - وهو الملك - بأن يخفي على المواطنين ما هو حق لهم أن يتعرفوا عليه.
* *
الملك سلمان بهذه السياسة قضى على الشائعات، وهزم المروجين لها، وأكد مجددًا أن الحقائق المدعومة بالأرقام والشواهد والفعل الصادق هي منهج هذه الدولة، وسياستها، بما لا قيمة لقول يخالفها، ولا معنى لمعلومة لا تتفق معها، وهو ما فهمناه مما قاله الملك سلمان من خلال الاستنتاج والقراءة الموضوعية لكلمته التاريخية في افتتاحه الدورة الجديدة لمجلس الشورى يوم الأربعاء الماضي.
* *
فقد كنا جميعًا أمام حقائق ومواقف لا يمكن لملك كسلمان إلا أن يقولها؛ ليطمئن كل مواطن بأنه في بلد آمن ومستقر، وأنه موعود بما هو أفضل بفضل التعامل الصحيح مع التطورات والمستجدات الاقتصادية والسياسية والأمنية على مستوى الوطن والمنطقة والعالم كله، وهو ما وضَّحه الملك بإسهاب، وتحدث عنه برؤية الحاكم الذي يصنع النجاح، وبثقة المسؤول الأول بالدولة الذي يدير شؤونها وشؤون مواطنيها بمثل ما تُدار به المملكة في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب الحكمة في التعامل معها.
* *
والمضامين التي وردت في كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز كانت تحمل بشائر لما هو قادم، ضمن خطط وبرامج لا يمكن إلا أن يقف المواطن متفائلاً أمام ما استمع إليه عنها، حيث العزم والتصميم والإرادة في تطويع الصعب، وقهر غير الممكن، وهزيمة ما هو مضر، وهي أهم ملامح الكلمة الملكية اقتصاديًّا وأمنيًّا، بما لا مجال للتفكير بما هو مخالف لما رسمه سلمان لمواطنيه عن وطنهم وسياساتها خليجيًّا وعربيًّا ودوليًّا.
* *
لقد انتظر الشعب كلمة الملك، وتساءل: ماذا سيقول خادم الحرمين الشريفين في ظل انخفاض أسعار النفط، وتأثيره في الاقتصاد المحلي، وتطورات الأوضاع في سوريا والعراق، والحرب في اليمن، واستمرار التدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة؟ فإذا به - كما عهدناه - صاحب عزم وحزم، لا يقبل بأي إجراء يمس أمن دول الخليج، أو تدخُّل يعرِّض استقرارها للخطر، مؤكدًا أن المملكة ماضية بقوة في استمرار الدفع ببرامج التنمية نحو الأفضل.
* *
كلام كثير، وآمال مفرحة، وقرارات صائبة، ومواقف جسورة، كانت سمات كلمة الملك، ولا يمكن اختزالها في سطور محدودة؛ فأهميتها تستدعي قراءتها قراءة متأنية؛ لمعرفة أبعادها، خاصة أنها قد تميزت بالشفافية والصراحة، بما يمكن القول عنها بأنها خارطة طريق للمستقبل الجميل الذي وعد به سلمان بن عبدالعزيز.