د.عبدالعزيز العمر
هل التعليم النوعي المتميز شرط لتكون الدولة- أي دولة- قوية عسكرياً؟ الاجابة هي: ليس بالضرورة, فها هي الولايات المتحدة التي تملك أقوى قوة صلبة على الأرض يعجز طلابها عن منافسة أو حتى مجاراة طلاب سنغافورة أو كوريا الجنوبية في مجالي العلوم والرياضيات اللذين يشكلان عصب حضارة وتكنولوجيا اليوم.
هذا التفوق السنغافوري الكوري تؤكده نتائج الاختبارات الدولية في مجالات مثل العلوم والرياضيات والقراءة التي أعلنت عنها منظمتا (تمز) و(بيسا).
إذا لم يكن التعليم النوعي المتميز هو السبب الأول في تحقق القوة الصلبة لأمريكا فكيف تمكنت أمريكا من الوصول إلى قوتها العسكرية الضاربة الحالية؟ الإجابة ببساطة تجدها في مفردة (استقطاب)، بمعنى أن الولايات المتحدة وفرت كل الفرص التي جعلت قلوب العلماء من كل أنحاء العالم تهوي إليها، ومن ذلك تقديرهم للعلماء وتوفير البيئة المنتجة لهم وتقديم الدعم اللامحدود لهم، فمثلا العالم النووي الفذ اينشتين قدم إلى أمريكا من أوربا. كما أن الأمريكيين لم يكن همهم فقط ان تكون دولتهم قوية عسكريا (كما هو الحال في روسيا وكوريا الشمالية وإيران) على حساب القيم الإنسانية الحضارية الرفيعة التي تمنح الإنسان قيمة مركزية عليا باعتباره باعث ومحرك الحضارة، وبالتالي لم يهمل الأمريكيون مجالات العلوم الانسانية ووظفوا خريجيها لخدمة مجتمعهم.
في المقابل يظهر في عالمنا العربي من يقلل من قيمة العلوم الإنسانية ويعتبرها ليست ذات قيمة في صناعة التقدم والحضارة، وهنا يكمن الخطأ الكبير.
في النهاية أود أن أؤكد ان التعليم يحقق لأي دولة إذا أرادت القوتين الصلبة (العلوم الطبيعية والتطبيقية) والناعمة (العلوم الإنسانية)، ويفترض أن كلاً منهما يخدم الآخر.