د. محمد عبدالله الخازم
نوجه الاتهامات لأنفسنا بشكل كبير إلى أننا نعاني صعوبة في إبراز صورة جميلة لبلادنا، وبأن تواضعنا في هذا الجانب يقود إلى تغلغل الآخرين في وسائل الإعلام الخارجية على حسابنا.
وتأتي النصائح غالباً بأن لدينا مشكلة في الإعلام الخارجي، ملحقياتنا الثقافية لا تقوم بدورها، نحتاج حملات علاقات عامة، إلخ.
سأبدأ بالإعلام الخارجي فأشير إلى أن تعريف الإعلام الخارجي لم يعد واضحاً في فصله عن الداخلي. ربما في الماضي قبل وسائل الاتصالات الحديثة تستطيع أن تبث رسالة إعلامية للداخل لا يطلع عليها الخارج بسبب عامل اللغة وعدم الوصول للوسائل الإعلامية المحلية، وغير ذلك من الأسباب. الوقت الراهن؛ نحن نقرأ عن أبسط حادث يقع في أبعد دولة وهم يقرأون كل حدث يحدث عندنا. بل إن الخبر الصغير الملفت للنظر الذي يحدث في قرية صغيرة بأقصى بقعة في المملكة يجد طريقة لوسائل الإعلام العالمية خلال دقائق من نشرة على وسيلة إعلامية، أياً كان نوعها. لم يعد بالإمكان تبني لغتين مختلفتين واحدة للخارج والأخرى للداخل؛ لأن ما هو للخارج سيجد طريقه للداخل والعكس صحيح. لذا أرى مفهوم الإعلام الداخل والخارجي يتهاوى بتعريفه المتعلق ببث الرسائل الإعلامية. دعم الإعلام المحلي مهم كما هو دعم الإعلام الخارجي، إن كان ما زال بينهما حدود..
البعض يقترح تأسيس حملات إعلامية، وربما تم ذلك في الماضي، لكن بعضها حملات تجارية مؤقتة لا يدوم أثرها، خصوصاً أن آلية قياسها غير دقيقة. أغلب هذه الحملات تعمل عليها وتسوقها شركات دعاية وتقوم على أفكار ورسائل سطحية ومكشوفة. البعض يعتقد أنه يستطيع شراء آراء الناس وتوجهاتهم بمجرد الوصول إليهم أو إغرائهم بحفلة أو هدية أو ما شابه ذلك، بما في ذلك شراء مساحة إعلانية في وسيلة إعلامية تجاملك وقت بث الحملة بوقف الأخبار السلبية، وبتوقف الحملة الإعلانية تعود لسابق عهدها.
الاتهام لسفاراتنا وملحقياتنا الثقافية بالخارج بالتقصير في هذا الجانب صحيح في بعضه. وبعيداً عن التفصيل، هذا أمر طبيعي لأن اختيارات الموظفين في السفارات والملحقيات لا يتم بناء على معايير ثقافية بما يشمله ذلك من خبرة ولغة ومعرفة وقدرة على التواصل بالبلد الذي يتواجدون فيه، وإنما وفق اعتبارات إدارية بالدرجة الأولى..
أرى كل ما ذكر أعلاه مجرد وسائل، نتفق أو نختلف حول تفاصيلها ويمكن تحسينها، لكن تبدو إشكاليتنا الأساسية في عدم وضوح رسالتنا ورؤيتنا التي نريد تسويقها عن أنفسنا. أو لأكن أقل قسوة؛ نحن نتبع نمطية غير متطورة في التعرف على هويتنا والتعريف بها. نحن لدينا الإيجابيات الكثيرة، لكن يجب أن نبلورها ضمن رؤية ورسالة ثقافية وانسانية وحضارية نستطيع أن نسوقها. الدول مثلها مثل الشركات يجب أن يكون لديها هوية أو رؤية أو (براند) يتم تسويقه. نحتاج براند يحوي قيماً تعبر عنا؛ نحارب لأجلها ونستطيع الدفاع عنها بشكل دائم ومستمر وليس بشكل مؤقت مرتبك.