يوسف المحيميد
ما يحدث في المنطقة من فوضى وجنون، من تدمير وتشريد وقتل، من صمت عالمي مؤلم، يذكرني بمقولة الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط: كل طبخة سياسية في المنطقة، أميركا تعدّها، وروسيا توقد تحتها، وأوروبا تبرّدها، وإسرائيل تأكلها، والعرب يغسلون الصحون! فما يحدث تجاه حلب من تجاهل وصمت، وتبادل أدوار، وعدم اهتمام الشعوب بما يحدث لأهل حلب، تجاوز غسيل الصحون، بل إن بعض العرب يفرحون ويحتفلون بقتل بعضهم، وتشريدهم إخوتهم في الدين والعروبة، واغتصاب نسائهم وانتهاك أعراضهم!.
ولعل الغريب في الأمر أن يحتفل بعض السوريين أنفسهم بإبادة حلب وتشريد أهلها، كيف لا يخجل هؤلاء من جرائم نظام بلادهم؟ وكيف يجاهرون بمساندته؟
صحيح أن مواقع التواصل الاجتماعي تكشف بعضهم ممن يستهتر بمشاعر ملايين السوريين في أنحاء العالم، لكننا بحاجة إلى عينين مفتوحتين، وقلب يقظ، لمعرفة من يؤازر مثل هذا النظام القمعي المستبد، ويروّج لآلته القاتلة، وربما يقوم بدعم وتمويل هذا النظام.
والله إننا لنخجل من أنفسنا، وصمتنا الطويل على ما يُحاك لأوطاننا العربية، والله إننا لنخجل من دمع الأمهات في حلب، ونخجل من دمع حلب، ونردد مع محمود درويش في «مديح الظل العالي»:
«في كل مئذنة
حاوٍ ومغتصب
يدعو لأندلس،
إن حوصرت حلبُ»
فلم تُحاصر حلب فحسب، وإنما اغتيلت من الوريد إلى الوريد!.