لتدوين التاريخ ضوابط إن روعيت، فإنه أرجى للقبول، والأحرى بالمهتم بتدوين تاريخ السابقين ألَّا يغفل تدوين ما يعاصره من أحداث، ويُبدي رأيه فيها، بمنهجيةٍ وضوابط واضحةٍ، كما أنَّ كلام المؤرِّخ قابل للمناقشة، تصويباً وردَّاً بأدبٍ واحترامٍ، كما هو المنهج العلمي في فقه الردود، ومن ضوابط تدوين التاريخ ما يلي:
أولاً: أن يتحرَّى الصواب فيما يكتب.
ثانياً: أن يكون هدفه بيان الحق.
ثالثاً: أن يُخلص في ذلك، فلا يكتب لأجل أن يُشار إليه.
رابعاً: أن يذكر المراجع التي رجع إليها، وأن ينسب الفضل لأهله فيما ينقله من فوائد، فيقول: أفادني بها فلان.
خامساً: أن يتوسط في عرض رأيه، فلا يجزمُ إلاّ بما هو متيقن فيه، مما وقف عليه بنفسه، أو مشافهة ممن يثق بحفظه وضبطه، أو بوثائق ينفكُّ عنها ما يخالفها من الوثائق الأخرى، أما إذا كان استنتاجاً أو ظنَّاً، فإنَّه يُبين ذلك صراحة فيقول: استنتجتُ، أظنُّ، يُحتمل.
سادساً: أهميَّة إمعان النظر، واستقلاليَّة الرأي ما أمكنه، وإذا وافق أو خالف أحداً ممن سبقه فيقول: أوافق الرأي الذي ذكره، أو أخالفه، أو يُفصِّل فيه.
سابعاً: أن لا يكون في المدوِّن للتاريخ هوىً وميلاً قَبَليَّاً أو مناطقيَّاً، أو حزبيَّاً، بل يكون منصفاً متجرِّداً عن هوى نفسه وحميَّته.
ثامناً: أهميَّة الإنصاف حتى مع المخالف، فكلٌّ يُحفظ حقه الذي له، ويُبيَّن ما يستحق البيان بدون تجريحٍ أو غمطٍ.
تاسعاً: الأفضل في كتابة القصص والأحداث التاريخيَّة التي تؤخذ مشافهة، أن يذكر اسم الراوي المعاصر للحدث التاريخي أو عمَّن يرويه عنه، فيقول: روى لي فلان الذي حضره، أو يقول: رواه لي فلان عن فلان، ومعلومٌ أنَّه يُتَجوَّزُ في الأخبار التاريخيَّة، حيث إنَّ غالبها لا تُنقل سنداً، بل تُنقل رواية منقطعة، لكن في ذكر أسماء الرواة أكثر قوة للخبر.
عاشراً: أن يذكر المدوِّن للتاريخ المنهجيَّة التي يسير عليها حتى تكون واضحة للقارئ.
- عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري