د. عبدالواحد الحميد
مرة أخرى يقع أحد الأطباء ضحية لاعتداء أشخاص غاضبين في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات! هذه المرة حصلت الحادثة في مستشفى بمهد الذهب بمنطقة المدينة المنورة، وفي أوقات سابقة حدثت في أكثر من قسم للطوارئ في العديد من المستشفيات في مناطق المملكة.
قدرُ طبيب قسم الطوارئ والطواقم العاملة معه هو أنهم يعملون في ظروف استثنائية صعبة، فهم مطالبون بأن يحققوا المعجزات خلال أوقات قياسية لمرضى قد يكونون وصلوا إلى الطوارئ وهم في حالة ميؤوس منها كما هي الحال في بعض إصابات حوادث الطرق أو بعض حالات الانتكاسات المفاجئة الخطيرة لمرضى مسنين مصابين بأمراض مزمنة.
طبيب الطوارئ بشر وليس مخلوقاً خارقاً، وهو بالتأكيد لا يستطيع أن يبث الحياة في جسدٍ ميت، كما أن قدراته مهما كانت كبيرة لا يمكن أن تسعفه كي يتعامل مع جميع الحالات المصابة في آنٍ واحد عندما تصل إلى قسم الطوارئ عدة حالات في لحظة واحدة أو في أوقات متقاربة، أو حينما يكون عددها أو مستوى خطورتها أكبر من إمكانيات الطواقم البشرية والتجهيزية المتاحة في قسم الطوارئ.
ومع ذلك فإن بعض مرافقي المرضى الذين يصلون على عجل إلى أقسام الطوارئ يتصرفون كما لو أن كل من في القسم من أطباء وطواقم مخصصٌ لهم وحدهم وأن من حقهم الحصول على أولوية في العلاج والرعاية! وويل للأطباء والطواقم الفنية إذا لم ينفذوا كل طلبات مرافقي المرضى.
إن كل من قُدر له أن يمر بأقسام الطوارئ لا بد أنه قد لاحظ التصرفات الفوضوية والعشوائية ورفع الأصوات والتعدي بالألفاظ غير المهذبة التي يتفوّه بها بعض مرافقي المرضى بحق الأطباء والطواقم الفنية، لكن ما هو أسوأ من ذلك هو الاعتداء البدني عليهم بالضرب الذي قد يكون مبرحاً والذي قد يتطلب أحياناً إحالتهم للعلاج أو حتى تنويمهم في المستشفى.
يجب أن تتوقف هذه السلوكيات الهمجية، فمهما تعاطفنا مع مشاعر مرافقي المرضى وتفهمنا قلقهم وتلهفهم لحصول ذويهم على أفضل رعاية فإن ذلك لا يعطيهم الحق بأن يعتدوا على الأطباء والطواقم الصحية. وفي حالة ارتكاب الأطباء ومساعديهم لأخطاء أو تقصير وإهمال فإن بوسع المتضرر أن يشكوهم ويحصل على حقه.
وزارة الصحة وإدارات المستشفيات مسؤولة عن حماية منسوبيها، وأجهزة الدولة الأخرى الأمنية وغير الأمنية مسؤولة عن حماية المجتمع من الفوضويين الذين يرون أنهم فوق القانون والنظام. وقد تكون هناك قوانين وأنظمة لكنها لا تطبَّق في كثير من الأحيان، وهذا مؤسف!