جدة - واس:
بدأت أمس أعمال الدورة الـ11 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي تحت شعار (دور وسائل الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا)، برئاسة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وحضور معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وأصحاب المعالي وزراء الإعلام لدول المنظمة، وذلك بقصر المؤتمرات بجدة.
ورحب الدكتور الطريفي في مستهل الجلسة الافتتاحية - باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله)، وباسم شعب المملكة - بأصحاب السمو والمعالي الوزراء ورؤساء الوفود المشاركين في أعمال الدورة في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية. وأوضح معاليه أن انعقاد الدورة الـ11 لمؤتمر وزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي تحت شعار (دور وسائل الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا) يأتي في ظروف إقليمية ودولية مهمة، تلقي بظلالها على العالم الإسلامي كما هو حاصل في أزمات يمر بها إخواننا في سوريا والعراق وغيرها. وقال إن هذه الأزمات التي يمر بها عالمنا الإسلامي تستدعي تضافر الجهود ووحدة الصف تحقيقًا لتطلعات شعوبنا وما فيه الخير لها، وأن تكون دورتنا الحالية منطلقًا نحو بحث وإصدار ميثاق إعلامي إسلامي، يختص بمكافحة ظاهرتي الإرهاب والإسلاموفوبيا.
وزاد معاليه: مما لا شك فيه أننا نعاني اليوم وأكثر من أي وقت مضى من تنامي ظاهرة الإرهاب، وهي الظاهرة التي استفحلت مستغلة ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط من أزمات، أدت إلى اختطاف عدد من وسائل الإعلام التقليدي والحديث من قِبل الإرهاب وداعميه. مؤكدًا أن المملكة العربية السعودية تُعَدّ من أولى الدول التي تعرضت لآفة الإرهاب من خلال أكثر من 100 عملية إرهابية، منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيميًّا بجهات حكومية خارجية، كما تم إحباط 268 عملية إرهابية قبل وقوعها، استُشهد وأُصيب بسببها العديد من مواطنيها والمقيمين فيها ورجال أمنها البواسل، بل وصل الأمر بالإرهابيين أن يعتدوا بالتفجير في شهر رمضان الماضي قرب الحرم النبوي الشريف.
ولفت معاليه الانتباه إلى أن المملكة قد عملت على إبرام العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، منها معاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي في 1 يوليو عام 1999م، كما شكلت تحالفًا إسلاميًّا من 40 دولة لمحاربة تلك المنظمات الإرهابية، وأصدرت التشريعات الخاصة بمكافحة الإرهاب للحد من آثاره محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، بل سبقت وبادرت بطرح فكرة إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وذلك خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005م، وأُنشئ من خلاله مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي تبرعت له المملكة بمبلغ 110 ملايين دولار.
وقال معاليه إنه إيمانًا من المملكة بأهمية هذا الموضوع، والدور الذي يمكن أن يقوم به مؤتمرنا اليوم في مكافحة الإرهاب، فقد تقدم وفد المملكة العربية السعودية بمشروع قرار بشأن دور الإعلام في مكافحة الإرهاب، ولاقى - ولله الحمد - استحسان ودعم الدول الأعضاء في المنظمة؛ إذ دعا مشروع القرار الدول الأعضاء إلى إدانة وتجريم وسائل الإعلام التي تروج وتحرض على الإرهاب. وينبغي لنا البناء على ذلك، ووضع آليات محددة بضرورة تنسيق السياسات الإعلامية بين وسائل الإعلام المختلفة بدول المنظمة فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب وتطوير التشريعات الإعلامية المنظمة لعمل القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية لهذه الدول، وتقييم مواقفها، والعمل على وقف القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية الداعمة للجماعات الإرهابية عبر آليات نظامية وقانونية واضحة ومحددة، خاصة في ظل ما نعايشه من ثورة إعلامية، لا تدع مجالاً لمن يتقاعس عن واجباته الإسلامية والدولية والإنسانية.
وأضاف معاليه: كما يتوجب علينا تقديم الدعم والتشجيع المادي والمهني إلى القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية التي تحارب الإرهاب، وتسعى لتوحيد الشعوب ودعم الإعلام الواعي القادر على تنوير المجتمع ومحاربة الإرهاب وفكره التكفيري.
ومضى معاليه يقول: يواجه أشقاؤنا في اليمن أزمة، نتجت من محاولة اختطاف مليشيا الحوثي والقوات الموالية لها لليمن الشقيق عبر انقلاب على الشرعية، يعاني اليمن الشقيق ويلاته إلى يومنا هذا. ومما لا شك فيه أن الإرادة الدولية قد أكدت مرارًا وتكرارًا لنا جميعًا أنه لا مفر ولا منجى إلا أن ينصاع الحوثيون وأتباعهم من المنقلبين على الشرعية إلى إرادة الشعب اليمني ولو بعد حين. وأشار إلى أن مليشيا الحوثي قد أقدمت على إطلاق صاروخ باليستي تجاه مهبط الوحي وقبلة المسلمين في مكة المكرمة، وقد قامت الدفاعات الجوية السعودية - ولله الحمد - باعتراض ذلك الصاروخ وتدميره على بعد كيلومترات من العاصمة المقدسة. وهذا عمل إجرامي، ويعد تعديًا صارخًا على مشاعر المسلمين، واستهانة بمقدساتهم، وعلى سيادة المملكة العربية السعودية.
وأبان معاليه أن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وغيرها قد استنكرت هذا العمل الإجرامي؛ باعتبارها البيت الجامع للأمة الإسلامية من مشارق الأرض ومغاربها، كما استنكرته وأدانته العديد من المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية ودور الإفتاء ومجالس العلماء والشعوب الإسلامية، مؤكدين جميعهم رفضهم لهذا التجاوز الخطير والمقيت، ووقوفهم مع المملكة في الدفاع عن أرض الحرمين الشريفين.
وزاد معاليه يقول: وقد عبّر عن ذلك البيان الختامي للاجتماع الطارئ لدول هذه المنظمة في اجتماعهم الذي عُقد بمكة المكرمة في شهر صفر 1438هـ، الموافق شهر نوفمبر 2016م، الذي طالب بوقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح بوصفه شريكًا ثابتًا في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي، وطرفًا واضحًا في زرع الفتنة الطائفية، وداعمًا أساسيًّا للإرهاب. مشددًا في هذا المقام على أن المملكة العربية السعودية لن تتهاون أو تفرط مثقال ذرة في هذه الأمانة المقدسة التي ائتُمنت عليها من رب العالمين، وسوف تستمر في بذل الغالي والنفيس في سبيلها ومن أجلها، وتمضي - بحول الله - بقوة وعزيمة في أداء واجبها الإسلامي تجاه مقدسات المسلمين.
وأشار إلى أنه في هذا الوقت تنامت الحملات الإعلامية المسيئة للإسلام ولمقدساته؛ ما يتطلب من جميع الدول والمنظمات والهيئات بذل المزيد من الجهود، وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية، وترشيدها؛ لتقليص الفجوة الرقمية بين دولنا والعالم المتقدم، والانخراط بشكل فاعل في مجتمع المعلومات، والتصدي للإعلام المغرض، وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام وللحضارة الإسلامية. ويمثل الإعلام قوة مهمة ومحورية في تشكيل الهويات والواقع الاجتماعي، ومؤشرًا بالغ الأهمية في تشكيل الوعي السياسي، وقناة لا بد منها لتبادل المعلومات والتواصل بين المجتمعات والثقافات.
بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كلمة، شكر فيها المملكة العربية السعودية لاستضافتها هذه الدورة؛ الأمر الذي يعكس اهتمامها بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - بكل ما من شأنه رفعة الإسلام والمسلمين، والدفاع عن قضاياهم المشروعة، فضلاً عن دعمها المتواصل. وأكد ان دعم القضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقـه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، يمثل محور عمل المنظمة. وأكد أن الجماعات الإرهابية تستخدم جميع الوسائل الإعلامية المتاحة في نشر الفكر المتطرف والخطاب المضلل والأطروحات المتشددة، كما تسعى إلى استقطاب الشباب والشابات والتغرير بهم للانضمام إلى تنظيماتهم الإرهابية، أو الانضمام للعناصر المساعدة التي توفر لهم الدعم اللوجستي.
وقال الدكتور العثيمين: «هنا يأتي دور وسائل الإعلام في التصدي لهذا الفكر الإرهابي، من خلال استخدام الوسائل الإعلامية ذاتها، ووسائط التواصل الاجتماعي نفسها التي تستخدمها الجماعات الإرهابية، من قبل متخصصين في الإعلام؛ لتوجيه رسائل إعلامية، تنشر الفكر المناهض للفكر الإرهابي، وتفضح ادعاءاته في كل الوسائل التكنولوجية المتاحة». مؤكدًا أهمية مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والجامعات ودورها المشارك والمعاون للشبكات الإعلامية في محاربة هذا الفكر الضال. وأوضح أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أصبحت - للأسف الشديد - تمثل شكلاً من أشكال التفرقة والعنصرية والتمييز، وبات من الملاحظ تنامي الخطاب السياسي في بعض الدول الغربية الذي يستهدف المسلمين والدين الإسلامي ورموزه، ولاسيما في أثناء الحملات الانتخابية سعيًا من أصحاب هذا الخطاب لتحقيق مكاسب سياسية، حتى أضحى المسلم في بعض هذه الدول عرضة للاتهام والمساءلة، وعليه إثبات براءته في كل يوم وفي كل موقف من مواقف حياته.
وأشار إلى أنه جرى خلال الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية المنظمة في طشقند انعقاد الاجتماع الأول لفريق اتصال المنظمة المعني بمسلمي أوروبا، الذي شدد على ضرورة تفعيل الاستراتيجية الإعلامية للتصدي للإسلاموفوبيا من ضمن آليات وخطوات تفعيل عمل فريق الاتصال.