ياسر صالح البهيجان
تحديات بيئية كبرى تواجه المملكة في ظل التنامي المتزايد في التعداد السكاني، والاتجاه إلى تطوير الصناعات بأنماطها كافّة، وتدنّي مستويات الوعي المجتمعي بحجم تلك المخاطر المهددة لسلامة البيئة والإنسان.
الحالة هذه تفرض الاتجاه المتسارع نحو إقامة دراسات متخصصة لمعالجة تفاقم أزمات التلوث والانبعاثات الكربونية وتراكم النفايات بأنواعها الصلبة والصناعية والطبية والحمأة، فضلاً عن مياه الصرف الصحي والسوائل الناتجة عن عصارات المخلفات البيئية، مع ضرورة أن ترهص تلك الدراسات جملة من القرارات الصارمة الملزمة في التنفيذ للحد من المخاطر البيئيّة.
المجتمعات المتحضرة والمدن المعاصرة لا يمكن لها أن تتطوّر بمعزل عن طرح القضايا البيئية للنقاش والدراسة بهدف وضع أفضل الحلول العالمية للحد من سلوكيات الإنسان الضار بالبيئة، والعمل على سن القوانين والأنظمة الضابطة لنمط حياة الأفراد والمقاومة لأساليب الاستهلاك الخاطئة عبر منهجية تأخذ على عاتقها توعية المجتمعات بأهمية الحفاظ على البيئية، وبمشاركة مؤسسات المجتمع المدني كافّة: التعليمية والتجارية والصناعية والتخطيطية، إذ إن جهة بعينها مهما امتلكت من طاقات وقدرات لا يمكنها أن تعمل في هذا الاتجاه منفردة ومستقلّة عن الجهات الأخرى.
المدن السعودية باتت بحاجة ملّحة إلى تشكيل لجان تشريعية وتنفيذية لمواجهة التحديات البيئية، ومدينة الرياض على وجه التحديد كانت سباقة في هذا الاتجاه منذ أن أقرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عام 1427 هـ تشكيل اللجنة العليا لحماية البيئة بمدينة الرياض والتي تهدف إلى متابعة الوضع البيئي في المدينة، ورفع مستوى التنسيق بين الجهات المختلفة، ووضع برنامج تنفيذي للحماية البيئية تجري متابعة تنفيذه مع الجهات ذات العلاقة والاختصاص.
استنساخ تجربة هيئة تطوير الرياض الرائدة في رصد التطورات البيئية ووضع برنامج للحد من الأضرار الناتجة عنها عبر استراتيجية شاملة مطلب رئيس يستلزم تنفيذه في مناطق المملكة كافّة؛ لضمان إيجاد خطّة عمل تشاركيّة تسهم في مواجهة مظاهر التلوث بكافة أنواعه، وتضع رؤى واضحة لإدارة النفايات في المدن والمحافظات، وتعمد إلى الاستفادة القصوى من الموارد المائية والطبيعية، وتحافظ على تنوع الحياة الفطرية، وتقاوم ظاهرتي التغير المناخي والتصحر.
السير وفق برامج محددة بإتقان لحماية البيئة سيضع المملكة على الطريق الصحيح لتفعيل مبدأ الاستدامة البيئية، ويسهل أيضًا من عملية تحديد مسؤوليات الإدارة والتخطيط والتنفيذ بناءً على المتغيّرات البيئيّة وطبيعة كل تهديد على حدة، ويضع أطرًا ملموسة ومعايير قياس محددة لمعرفة مدى التزام المدن السعوديّة بالاشتراطات البيئيّة الدوليّة، مع أخذ الجوانب البيئية بالاعتبار في مراحل التنمية والتطوير المختلفة، خصوصًا وأن المملكة مقبلة على مرحلة حاسمة تسعى من خلالها إلى إحداث نهضة اقتصادية وتنموية وعمرانيّة تماشيا مع رؤيتها المستقبلية 2030.