د. عبدالرحمن الشلاش
«قاعد أتقدم» جملة مركبة بطريقة غير مقبولة. مثل هذه العبارة نسمعها كثيراً وغيرها من الجمل المركبة بطريقة خاطئة خاصة في بعض المقابلات التلفزيونية وحتى في المناقشات الجانبية في الجلسات الرسمية أو الخاصة وفي اللقاءات الإعلامية التي تجرى في الأماكن العامة.
لا أدري كيف يتقدم ويتطور ويتحسن وينجز القاعد! نعرف أن القاعد هو الجالس، لكن هناك تفسيرات كثيرة لهذه المفردة مثل «الماكث في البيت» أو في مكان لا يغادره، على أن من معاني قاعد غير الجيدة من لا يهتم بالأمر أو يتراخى في إنجازه, والقاعد كذلك البليد أو الكسول. هل أدركنا سوء توظيف المفردة، والغريب أن هناك من الإعلاميين أو المثقفين من يقبلون في برامجهم وندواتهم بمثل هذا التوظيف الأخرق!
أقدر كل الجهود المبذولة من الغيورين على لغتنا العربية, وكل البرامج الاحتفالية بلغة الضاد، وكل المحاولات لإبراز أهمية لغة القرآن، والندوات الهادفة للتوعية باللغة والحد من أي زحف للهجات عامية تؤثر في صفائها ونقاء مفرداتها من التشويه، لكن الواقع الحالي - للأسف - يخلق تحدياً كبيراً أمام كل حريص!
خذ من المفردات والعبارات المتداولة حالياً ما يثبت أن إعادة هيبة اللغة تحتاج لجهود مضاعفة تتعدى التنظير إلى محاولة تغيير الواقع وخاصة على المستوى الرسمي، وعلى مستوى التدريس في الجامعات والمدارس وفي الندوات والمحاضرات، لو طبقت هذه الإجراءات سيضطر الدارس والباحث لبذل جهود مضاعفة للحاق بالركب، فاللغة أداة للمعرفة والثقافة، فإذا كانت هذه الأداة ضعيفة ومكسرة فبالتأكيد لن تساعد من يتحدث بها على التعلم وتثقيف نفسه خاصة والأدب والشعر مكتوبان بلغة فصحى وهي كذلك لغة التعليم والبحث والتدريس!
لنغير واقعاً لا يليق بنا. تستغرب من قامات إعلامية وثقافية تركن لتشويه اللغة. تابع أي برنامج فضائي تستغرب من لغة المقدم الركيكة، وعباراته المقلوبة، وتراكيبه العجيبة. لنأخذ أمثلة ليست عربية فصيحة وليست من اللغة الإعلامية في شيء!
الشباب «جالسين» يحققون نتائج كبيرة. «لساعه» تعني إلى الآن «دوبي خلصت» يعني قبل قليل انتهيت. «إنو» أي أنه، «مو» يعني ليس. سيحتاج أي متعلم للغة العربية من غير أهلها لمترجم. قال لي أحد الدارسين للغة العربية من الأفارقة: لهجاتكم الدارجة غريبة لا نفهم منها شيئاً، وإذا تحدثنا مع الناس بالفصحى سخروا منا فماذا نعمل؟ القاعد وغيره من الجالسين والنائمين لن يتقدموا فابحثوا عن كلمات مناسبة ومقبولة كي لا تفقد لغتنا الجميلة بريقها.