علي الخزيم
من وظائف الجمعية العامة للأمم المتحدة وسلطاتها طبقاً لميثاق الأمم المتحدة؛ أن تنظر في المبادئ العامة للتعاون لحفظ السلام والأمن الدوليين بما فيه نزع السلاح، وأن تقدّم توصيات بصدد هذه المبادئ، وأن تناقش أي مسألة تكون لها صلة بحفظ السلام والأمن الدوليين وأن تقدّم (توصيات) بشأنها، إلا إذا كان مجلس الأمن يناقش نزاعاً أو وضعاً يتعلَّق بتلك المسألة، وأن تقدّم توصيات لتسوية أي وضع قد يعكر صفو العلاقات الودية بين الدول تسوية سلمية، ويجوز للجمعية العامة أن تتخذ إجراءات إذا لم يتمكّن مجلس الأمن من التصرّف بسبب تصويت سلبي من جانب عضو دائم، في حالة ما إذا بدا أن هناك تهديداً أو خرقاً للسلام أو أن هناك عملاً من أعمال العدوان؛ وعندئذ يمكن للجمعية أن تنظر بالمسألة على الفور من أجل إصدار (توصيات) إلى الأعضاء باتخاذ تدابير جماعية لصون أو إعادة السلام والأمن الدوليين، ورغم أن سلطة الجمعية تقتصر على إصدار (توصيات غير ملزمة) إلاّ أن بعض هذه التوصيات كانت ذات أثر نسبي.
هذا ما يفترض أن يكون وما يلزم أن تتخذه الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أن ما يتلقاه المجتمع الدولي لا سيما أصحاب الأزمات ومن ابتلوا بالحروب الظالمة ومن أصيبوا بالقحط والفيضانات والأوبئة فإن جل ما يسمعونه هو (القلق)، وهم بغنى عن ذلك لأنهم تشبعوا بالقلق والضجر والسأم، ويبدو أن الفائض لديهم انتقل للأمين العام الذي يُصبح ليتناول قهوته و(يعرب عن قلقه) إزاء حرب طاحنة في سوريا، أو جرائم حزب الله بلبنان، أو صلف وغباء الحوثي باليمن، وغير ذلك من مناطق بالعالم تعاني من مآس ومشكلات، إذن هي دول محددة تتحكم بالقرارات الدولية حسب مصالحها إزاء قضايا وأزمات هي من افتعلتها غالباً، وأمين عام يجيد مهارة الابتسام والقلق في آن واحد، وتوصيات غير ملزمة. ولقد أثار قلق الأمين العام المزمن تهكم المُغرّدين على تويتر، وأكدوا أنه يتقاضى حوالي 35 ألف دولار شهرياً ليقوم بأسهل مهمة عالمية وهي (التعبير عن القلق)؛ وتفسيرها عندي هو أنه لا يوجد قلق فعلي إنما هو شعور مُسْتَهلك للمجاملة وتطييب الخواطر، وترتقي هذه المشاعر لدى (السكرتير) حينما تَرِدُه أخبار بأن الحوثي أو حزب الله ونظام دمشق قد أحرز أي تقدّم في جرائمه بأن يدعو سعادته لضبط النفس، أي عدم الرد عليهم بالمثل وتركهم للحلول الكلامية التي لم تُقَدّم شيئاً منذ بدء هذه الأزمات إن لم تكن قد أشعلت أوارها بعدم المبالاة والتجاهل المتعمد أحياناً خلاف المأمول من مجلس الأمن والأمم المتحدة، والغريب أن سعادة الأمين المُنتهية ولايته ما زال حتى في أيامه الأخيرة يُعرب عن قلقه، حتى يظن المرء أن الرجل قد أدمنها لدرجة أنه لا يستطيع ارتشاف قهوة الصباح دون أن يطلقها عبر الفضاء، إلاّ أن الأمين العام الجديد (غوتريس) قد عَبّر عن الاستعداد لتغيير أداء المنظمة الدولية، فلننتظر.