محمد عبد الرزاق القشعمي
بدعوة كريمة من رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي الشرق بالدلم، زرت النادي وملاعبه يوم الخميس 19-3 - 1438هـ رفقة عضوي شرف النادي الصديقين محمد الفواز وناصر الدريهم، وكانت المناسبة مشاركة رجل الأعمال الشيخ عبدالله الجميعة أحد أعضاء مجلس الشرف لحفل غداء بالنادي يعقبه جولة بشرح رئيس النادي الأستاذ علي الدريهم في منشآت النادي - تحت الإنشاء - الذي يشمل الملاعب والمباني الإدارية وغيرها من مرافق والتي تشرف عليها الهيئة العامة للرياضة. وقد توقف العمل بها منذ أشهر عدة، كما شملت الجولة الملاعب التي أنشأها النادي بجهوده الذاتية من قبل وبمساعدة ومؤازرة من رئيس البلدية السابق فارس بن محمد القحطاني، والذي تم نقله قبل أيام إلى بلدية الحوطة، والذي يشيد به الجميع ويشكرون جهوده ويعترفون له بالفضل في زراعة الملاعب وإيصال الماء إليها.. وأنهم بصدد استلام صك الملكية من كتابة العدل.
وقد افتتح النادي أكاديمية الفارس لتعليم مهارات كرة القدم، وقد سميت باسم ر ئيس البلدية، ووحدة العلاج الطبيعي.
ونحن نتجول في مدينة الدلم ونقف على الأرض التي كان يقام بها مقر النادي القديم عند إنشائه والذي سجل عام 1385هـ برعاية الشباب التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية باسم (نادي الطليعة بالدلم)، والذي كنا نتابع بناءه من اللبن والطين، ونشارك في ليالي الخميس وصباحات الجمع في إعداد الجريد للسقف أو تلبين الطين وتركه بالشمس حتى يجف، ويحمل أحدنا (التريك) بالقاز لينير المكان. وكان أحد مؤسسي النادي ورئيسه لمدة تزيد على ثلاثة عقود المرحوم سعد بن عبدالرحمن الدريهم يشمر عن ساعديه ويلف ثوبه في وسطه ويخوض في (خلطة) الطين ليمكن الماء والتبن من اختلاطه قبل أن توزع الكمية الجاهزة للملبن، أو ملط الجدار بعد اكتمال بنائه، وفي الجمعة نذهب إلى المشتل الشهير والذي كان متنفساً لأهالي الرياض يأتونه عصر الخميس حتى مغرب الجمعة، ففيه المسبح وفيه غابة من الأشجار يستظلون بها ويطبخون غداءهم.
وكان من بين أعضاء ومؤسسي النادي من رحل عنا إلى رحمة الله مثل راشد وسعد الدريهم وعبدالرحمن العبدالسلام وسعد اليحيى - شادي الرياض - الذي كان يحضر مصطحباً عودة ليغني بالمشتل ويلتف حوله الجميع، وما يلبث أن يقوم أحد المؤسسين وهو ناصر المسعود ليؤذن للصلاة فيوقف الغناء فتودى صلاة العصر يعقبه تناول طعام الغداء فالعودة للرياض. أذكر من بين المؤسسين معالي الفريق ناصر العرفج شفاه الله وعافاه.
كان بالنادي عند اكتمال بناء مقره - قبل أكثر من 50 عاماً - نشاط ثقافي واجتماعي إلى جانب الرياضة وبالذات كرة القدم، وكنا نسهم قدر الإمكانات بتزويد مكتبة النادي بالكتب والدوريات. وكان يدعى بالمناسبات كثير من رجال العلم والمعرفة لإلقاء محاضرات أو أمسيات شعرية أو ندوات ثقافية. أذكر من بينهم الشيخ عبدالعزيز بن باز والأساتذة أحمد فرح عقيلان، وزيد بن فياض وعثمان الصالح، وعبدالعزيز المسند، وعبدالله بن خميس - رحمهم الله - وغيرهم، وكان التلفزيون السعودي يسجل كثيراً من هذه المحاضرات بإشراف منصور الخضيري.
وأمامي الآن كتيب يحمل عنوان: (الدين والعلم) للأستاذ زيد بن عبدالعزيز بن فياض وكتب على غلافه (محاضرة ألقيت بنادي الطليعة بالخرج – الدلم ليلة الجمعة 8-7-1389هـ قال في مقدمتها: «أما بعد: فهذه محاضرة، كنت ألقيتها بنادي الطليعة بالدلم عقب دعوة مكررة من المشرفين على النادي.. ولم يسعني وقد رأيت من الرغبة في أن أسهم بإلقاء محاضرة ترك لي تحديد موضوعها.. إلا الاستجابة مقدراً ومغتبطاً وقد تلقيت طلبات عديدة بنشرها.. ».
سألت أعضاء النادي أين المكتبة؟ فلم أجد جواباً مقنعاً إلا أنهم قالوا إن المكتبة العامة بالدلم ليست بعيدة عن مقر النادي، فتأسفت لما آلت إليه المكتبة السابقة وتذكرت السنوات الخوالي عندما كانت الأندية الرياضية تتنافس على النشاطات الثقافية وتصرف لها الرئاسة العامة لرعاية الشباب إعانة مالية تشيجعاً لها على الاستمرار وبالذات بعد تولي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئاسة، إذ أصبح كل سنة يقام مهرجان ثقافي تجتمع فيه أندية المناطق الفائزة على مستوى المملكة سواء بالحفلات المسرحية والأناشيد والفنون التشكيلية والمسابقات التي كانت تنظمها مكاتب رعاية الشباب في المناطق لكتابة المقال والقصة أو القصيدة، وحتى تلخيص الكتب التي أذكر منها كتاب (الغز والفكري) للأستاذ عبدالله عبدالجبار والذي نشره الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي ضمن مشروع المكتبة الصغيرة).
سألني ابن أحد المؤسسين الأخ عبدالعزيز بن سعد الدريهم: هل ستكتب عن هذه الزيارة؟ فقلت له: لا، لن أكتب حتى يعود النادي لاسمه القديم وتعود المكتبة للنادي من جديد.
أكتب هذه الذكريات المقتطفة وكلي ألم لما آل إليه المشروع الثقافي الذي بذره الأمير فيصل بن فهد حتى أينع وأعطى.. فهل شباب الأندية الرياضية لا يحتاجون إلى ثقافة تعزز وعيهم وترفع مستواهم الفكري ليتحقق للاعب (الجسم السليم في العقل السليم).
هل أعتبر هذه دعوة ورجاء لرئيس الهيئة العامة للرياضة في المملكة الأمير الشاب عبدالله بن مساعد لعله يعيد النادي لما كان يوصف به (رياضي ثقافي اجتماعي).