د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
بدا التعليم هبة ثمينة عندما تحدث عنه خادم الحرمين الشريفين في خطابه تحت قبة الشورى يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر ربيع الأول الحالي بمناسبة افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى، حيث جلّل -حفظه الله- التعليم محفزاً للنهوض الحضاري والتنموي، ومنحة داعمة للوجود البشري النامي, وأجمل -رعاه الله- البعد الاستراتيجي ومحدداته الذي تقوم عليه صناعة التعليم ؛يقول -حفظه الله-» وفي قطاع التعليم سيستمر بإذن الله الاستثمار في التعليم وتزويد أبنائنا وبناتنا بالمعارف والمهارات اللازمة لمتطلبات التنمية، والحصول على فرص التوظيف ليحصلوا على التعليم الجيد وفق خيارات متنوعة، وسيكون تركيزنا الأكبر على مراحل التعليم المبكر, وعلى تأهيل المعلمين والقيادات التربوية, وتدريبهم، وتطوير المناهج الدراسية، كما سنعزز الجهود في مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل».
لقد حدّد خادم الحرمين الشريفين في خطابه الكريم مسئولية التعليم، وقواعد السلطة التربوية المتصلة بحياة المواطن التي تضع للمتعلمين قوانينها, وأن تلك المسئولية ليست مواسم فتخبو؛ كما ركّز -حفظه الله- على أن بداية استنبات التعليم في الغراس الأول من مراحل التعليم المبكر؛ فالأطفال يولدون وعقولهم محايدة وجاهزة للتعبئة؛ ولذا فإن كسب السباق للوصول إلى تلك العقول يكون في إفساح المجالات المعرفية العديدة لكل ذكاءات الطلاب المتعددة, وأن تكون المعارف المقدمة لهم مثيرة محملة بالجديد والمدهش الذي يتحدى العقل, ومن هنا نجزم أن تداول مشاعل المعرفة لابد أن يحدث وفق طقوس سامية لا تشبه كثيراً مما يحدث الآن!! كما أن قطارات الوصول تتطلب وقفة كبرى نحو التعليم كنظام وممارسة, والتعليم كمحتوى ومنهج؛ وأحسب أن الاستثمار في العقول يتطلب شيئاً من المغامرة في ارتياد مساقط الغيث.
ذلكم ما يخص التركيز على المدخلات المعرفية من خلال المناهج التي تصنع الفكر الحي، كما يجب أن تتربع إستراتيجيات ذهنية حكيمة في توجيه المتعلمين للفرص المعرفية التي تقودهم بعد استيعابها فكراً وتطبيقاً إلى أن يكونوا رواداً في مجالاتهم، ومن هنا تأتي أهمية التركيز الأمثل على تحديد الميول والاتجاهات للأجيال في مراحل التعليم العام ومن ثم تحقيقها؛ وحتماً سيكون حصاد ذلك وفيراً حيث إن اتساق مخرجات التعليم مع متطلبات التنمية لن يحملها قطار آخر إلا من خلال تحفيز الميول والاستعداد لدى المتعلمين وترقيتها إلى منصات الوصول الكبرى, فهناك مدارج احتياج في سوق العمل لا يرقاها المواطن لأنه امتلأ بما لا يناسبها.
وعموماً فإن مسارات الوصول إلى تحقيق الاستراتيجية التنموية من خلال التعليم التي حددها خادم الحرمين -حفظه الله- في خطابه تتطلب تقويما عاجلا لأراضي استزراعه ومؤسساته ورصد العثرات في واقع التنفيذ والإعداد والمدخلات المعرفية، ومن ثم بناء أولويات الإصلاح بناء يقوم على قواعد تأسيسية قوية تتحمل محمولات التطوير القادمة، وسوف يكون ذلك بإذن الله كسبا وفيرا محصّلته نتائج داعمة لتحقيق ذات التعليم المفقودة بين أهلها..
نعم نحتاج إلى أزمنة تعليمية يقظة لا يعتريها الخور في بعض مسيرها؛ ولابد من تمكين الطلاب من التقاط اللحظة، وتأسيس اليقين المدرسي عندهم بأهمية النمو التعليمي, وأن الوقوف انحدار مؤلم.
حفظ الله خادم الحرمين فقد كان في خطابه جلياً ووفق الله القائمين على صناعة التعليم ومصانعه على تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة.
«ولا في الناس ما رُمتَ المعالي
بلى جاءتك طائعة دواما»