د.ثريا العريض
أكتب لكم مساء الخميس 22 ديسمبر وهو اليوم الذي أعلنت فيه قبل 10 ساعات تقريباً موازنة عام 2017 القادم.
أخيراً أعلن خادم الحرمين الشريفين موازنة العام القادم 2017 في اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء. وهي الموازنة التي كان الجميع ينتظرها بتخوف مما ستحمل معها من إجراءات استثنائية غير معتادة.
حتى منتصف اليوم كان الشعور العام السائد هو القلق والتوجس مما ستأتي به خاصة والكل يعلم أننا دولة ريعية يأتي دخلها بصورة شبه كلية من صادرات القطاع النفطي, وأن أسعار النفط في هذا العام انحدرت بصورة حادة عالمياً, فصار لابد من الخروج من العجز المتوقع أو تقليصه بإجراءات لن تتيح متعة الإنفاق الحكومي أو الدعم المعهود. والحمد لله أن الموازنة بما اعتمدت عليه من إجراءات وتغيير لدور الوزارات والقطاع الخاص نجحت في ذلك إلى حد كبير في تقليص الفجوة في ذات الوقت الذي نجحت في حماية المواطن ذي الدخل الأدنى من المتوسط من المعاناة, وحملت فئة ذوي الدخل العالي مسؤولية المشاركة في تحمل عبء الدعم المطلوب.
تلا إعلان الموازنة مؤتمر صحفي تكلم فيه خمسة مسؤولين كبار, بينهم وزير المالية, ووزير الطاقة والصناعة, ووزير التجارة والاستثمار ونائب وزير الاقتصاد ورئيس اللجنة المالية, لتوضيح تفاصيل الإجراءات المعتمدة وأجابوا عن أسئلة الحضور حول الميزانية وشرحوا إجراء «حساب المواطن» الذي عبره سينال كل مواطن ما يستحقه من الدعم أو يتحمله بسبب زيادة أسعار الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء.
في تويتر فيضان من التغريدات حول حدث اليوم, وليس كله تعليقات على الموازنة وأرقامها, بل هناك ما هو أكثر جذباً للمتابعة, أضافه مغردون من ذوي الوزن الثقيل بمقياس عدد المتابعين, مشيرين إلى مقابلات عديدة تم ترتيبها قبل إعلان الموازنة, تحدث فيها سمو ولي ولي العهد لساعات. وفي حوار مجموعات الواتسآب تتداول صور السليفي التي جمعت الأمير بأولئك المحظوظين الذين تلقوا الدعوات لحضور المقابلات الحميمة.
لاشك أن المسؤولين عن العلاقات العامة قاموا بدور مميز في تحضير الساحة العامة لتلقي تفاصيل الموازنة, والشعور بالإرتياح رغم أنها تعلن أوضاع تقشف واستعداد للمزيد من تعليمات شد الأحزمة.
ولا شك أن الفرق المتخصصة التي قامت بإعداد الحسابات الدقيقة لتقديرات الدخل والمصروفات وما تتعهد الوزارات المختلفة بتقديمه من نواحي التوفير والإضافة للدخل، هي أيضاً أدت دورها بدقة مميزة.
ما أسعدني هو الشفافية في التعامل مع الموقف بدءاً بكلمة الملك في افتتاح دورة الشورى قبل أسبوعين معلناً أن أوضاع الاقتصاد مؤلمة ولكنها مرحلة مؤقتة تتطلب من الجميع التعاون والتفهم وشد الأحزمة والمساهمة وتقبل الإجراءات التي ستخرجنا منها, وانتهاءً بمقابلات سمو ولي ولي العهد لشرح الموقف لقادة الرأي العام والمؤثرين في ساحة الإعلام.
وأنا أتابع المتغيرات باهتمام مهني منذ أول ورشة أعلن فيها برنامج التحوّل أشعر الآن أن موازنة 2017 أعلنت البدء في علاج لشفاء مستدام لاقتصادنا ومعادلة التفاعل في مجتمعنا.. حتى وأسعار النفط تعتدل مرتفعة فإن نجاح برنامج التحوّل هو الضمان المطلوب لاستدامة النماء.