يوسف المحيميد
قديمًا، وقبل ظهور الإنترنت، كانت الصحافة هي السلطة الرابعة التي تؤثر في الرأي العام، وتكتسب احترامه، لكنها مع انتشار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فقدت هيبتها ومكانتها الكبيرة، وأصبحت هذه المواقع هي السلطة الرابعة الأكثر تأثيرًا، وبجانب كُتَّاب الإعلام التقليدي الذين استثمروا هذه التقنية السريعة، أفرزت هذه السلطة كتابها الجدد أيضًا، الذين يمتلك بعضهم قدرة على التأثير أكثر من أقرانهم أبناء الصحافة التقليدية!
مع هذه السلطة الجديدة، تحول القراء إلى متابعين، فالقارئ التقليدي يتلقى المقال الورقي ويبتسم أو يغضب، وينتهي الأمر، لكن القارئ الجديد أو المتابع في السلطة الرابعة الجديدة أصبح لا يكتفي بابتسامة صفراء، أو آهة غضب مكتومة، وإنما يشيد بالكاتب مباشرة، أو يحاكمه أمام الملأ، فلم يعد لائقًا أن يضحك الكاتب على متابعيه، ويغرر بهم، ويتنقل من موقف إلى موقف مضاد حسب اتجاه الريح، لأن خلفه عشرات الآلاف من المتابعين الذين ينتظرون تعليقاته على الأحداث والأخبار، ويحق لهم محاسبته، تماما كما يحاسب هو المسؤولين ورجال الدولة!
مع هذا النمط من المحاسبة، هل يحق لنا القول بأن ثمة سلطة خامسة، لا تجامل ولا تداهن أبدًا هي سلطة المتابع القارئ، الذي يحاكم من بيده السلطة الرابعة؟ هل لم يعد الكاتب كما كان سابقا، يملي على الآخرين ما يريد، ويقلب مواقفه حسب الظروف والأهواء، ولا أحد يحاسبه؟ وبالتالي لم يعد قادرًا على المتاجرة بمواقفه كما كان سابقًا؟