سمر المقرن
أؤمن بأننا نستطيع تمييز مدى وعي المجتمعات من خلال أشياء بسيطة، مثل السلوك المروري، واحترام «المصعد» في الأماكن العامة من خلال عدم الوقوف في وجه الباب، وترك مساحة لمن بداخله للمرور إلى الخارج، وكذلك احترام أولوية ركوب المصعد لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة أو من برفقتهم أطفال داخل عربات، أضف إلى ذلك، أنّ أغلب ما أراه عند المصاعد أنّ الشخص الذي يرغب بالصعود إلى الطابق الأعلى يضغط كل الأزارير للصاعد والنازل، وهو بذلك يتورط، كما أنه يعطل الوقت. هذه السلوكيات التي قد يراها - بعضهم - بسيطة، لكنها قادرة على تحديد وعي الأشخاص ممن تصادفهم في الأماكن العامة، المشكلة أنّ مثل هذه السلوكيات لا تعتبر محدودة بل هي منتشرة بكثرة في دولنا العربية، وهي ظواهر سلوكية تحمل في طياتها كثيراً من المعاني والدلالات التي تحتاج إلى التأمل، والبحث في تعديل مثل هذه السلوكيات التي لا يُمكن أن تصدر بلا معنى، بل إنها صارت عامة ومكررة مما ينبئ بوجود إطار عام شامل يشيع هذه السلوكيات السلبية!
أظن أنّ هناك اتصالاً متواصلاً بين هذه السلوكيات مما يجعلها عامة لدى الشعوب العربية، مع وجود ازدواجية سلوكية إذا ما تغير المكان لدى نفس الأفراد، بمعنى أنّ الأماكن التي تستهجن وترفض هذه الأفعال أو تضع قوانين تمنعها نجد أصحابها يكفون عن إصدارها، مما يؤكد أنها لم تصدر من اللاوعي، بل هي شعور ملموس وسلوك صادر مع الإصرار والترصّد. فمثلاً عدم احترام كبار السن عند المصعد هو سلوك يقع خلفه كثير من السلوكيات والأفكار، بمعنى أنه لا يقف عند هذا الفعل وحسب، بل هناك تصرفات أخرى وأفكار متراكمة وثقافة غير واعية جعلت هذا السلوك يصدر عن أشخاص ما. وبالمقابل فإنّ ازدواجية السلوك واختلاف حدوثه من مكان لآخر أيضاً، ينمّ عن حالة الخوف من القوانين، أو حالة غياب الضمير وهو المسؤول والمتحكم في اختلاف السلوكيات حسب موقع حدوثها.
كلّما نظرت إلى هذه السلوكيات السلبية، لا أتوقع أنني أطلب الكمال، لكنها بحق تحتاج إلى تمعُّن وتحليل وبحث في هذه النقائص الفكرية التي نتج عنها مثل هذه الأفعال، إضافة إلى ضرورة إشاعة الذّوق العام وفرضه، ليسلك الأشخاص سلوكيات إيجابية وإن غاب الضمير وصارت شكلاً فقط!.