يوسف المحيميد
بعد استغلال الإنجليز لكبائن الهاتف العمومي الشهيرة في بريطانيا، وبالذات في لندن، بتحويلها إلى مكتبات مجانية، يمكن الحصول منها على كتاب مستعمل، أو تزويدها بآخر عن طريق مواطنين، ها هي دار نشر فرنسية في مدينة غرينوبل تبتكر طريقة جديدة ولافتة في إنعاش القراءة من جديد، وذلك بتوزيع آلات لبيع طبعة قصيرة من الكتب، بطباعتها على إيصال وقراءتها في أوقات الانتظار بهدف تشجيع القراءة والحث عليها!
أفكر، وفي إطار المسؤولية الاجتماعية والثقافية للقطاع الخاص، لو بادر أحد البنوك بتخصيص المساحة الخلفية للإيصال الورقي الذي تطبعه آلات الصرف الآلي في الشوارع، الذي تشجع شاشات الصرافات - عادةً- على عدم طلبه، عند عدم الحاجة إليه، وذلك حفاظاً على البيئة، فماذا لو طبعت البنوك طبعات قصيرة من كتب مختلفة، وملهمة في مختلف المجالات، خلف هذه الإيصالات، كي يحتفظ العميل بالإيصال الورقي كمستند لعملية بنكية، وكطبعة قصيرة من كتاب لم يقرأه بعد.
إن هذا العالم المتقدّم، الذي لا يتوقف عن بحث طرق ووسائل جديدة، تهدف إلى التشجيع على القراءة، رغم أنه - وكما هو معروف - يحظى بمواطنين يقرأون في كل مكان، في محطات الانتظار، القطارات، العيادات، الحدائق، الشوارع، وغيرها من الأماكن العامة، إلا أن الطموح الدائم لمزيد من ساعات القراءة، يجعل هؤلاء يباغتوننا كل مرة، بفكرة جديدة ومختلفة تهدف إلى كسب المزيد من القرّاء الجدد!
أعتقد أن التحدي الحقيقي لنا يتمثَّل في ابتكار أفكار جديدة، تتلاءم مع البيئة المحلية، ومع ذائقة المواطن، فلا يكفي أن نستعيد أفكارهم، كما فعلت مكتبة الملك عبدالعزيز - مشكورة - بوضع أرفف للقراءة في مطار الملك خالد الدولي، صحيح أنها فكرة جميلة، لكنها بحاجة إلى تجديد مستمر، فضلاً عن ابتكار أفكار جديدة في جذب أنصاف القرّاء، أو حتى من لا يقرأون في العموم، وإغرائهم للدخول في حقل القراءة الممتع.
وربما نحن بحاجة أولاً إلى الإجابة على سؤال لماذا نقرأ؟ فالإجابة عليه تكشف لنا لماذا لا نقرأ في العالم العربي، ولماذا لم نتطور، ولم تتغيّر أفكارنا، ولماذا تطور الغرب، فالبحث في جوجل مثلاً، عن إجابة السؤال باللغتين العربية والإنجليزية يكشف لنا الفرق الكبير في الرؤية، فنحن نربط القراءة بالدِّين فقط، بينما الغرب يربطها بالفكر، وتجديده، فالقلم أقوى من السيف كما يُقال!