محمد آل الشيخ
أثلج صدورنا انضمام الشقيقة سلطنة عمان إلى تحالف الدول الإسلامية للحرب على الإرهاب التي تبنته المملكة، وتأكَّدت الأنباء التي تقول: إن سحابة الصيف التي مرت بدول التعاون ومنطقة الخليج انقشعت. هذا الخبر يحمل في مضامينه وأبعاده كثيرًا من المؤشرات والارهاصات؛ فمجلس التعاون الخليجي عاد بهذه الخطوة إلى سابق قوته وتماسك ولحمة دوله، لما لعمان تحديدًا من مكانة متميزة نظرًا لموقعها الجيوسياسي، فهي بوابة منطقة الخليج، ونقطة اتصالها ببحر العرب ومن ثم المحيط، في زمن أصبح لتحالف الكتل السياسية أبعادًا ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل العالمي أيضًا. فالعالم المعاصر اليوم يتعامل مع الدول سياسيًا واستراتيجيًا من منطلق الكتل السياسية؛ فأوزان الدول السياسية يتم تقييمها من خلال تحالفاتها؛ قل لي من تتحالف معه أخبرك من أنت. وغني عن القول من حيث المبدأ أن التكاتف والترابط والتآزر وتنسيق المواقف بين الدول التي تمثل منطقة جغرافية واحدة، تٌضفي على كل الدول المنضوية في هذه التحالفات قوة، ومنعة، وقدره على مواجهة تقلبات الرياح والعواصف، داخليًا وخارجيًا أكثر مما تواجهها منفردة.
والمملكة والسلطنة لا يرتبطان مع بعضهما بروابط الدين واللغة والمحتدى العروبي والجوار الجغرافي فحسب، وإنما هناك منظومة مجلس التعاون الخليجي، التي حققت من خلالها دوله كثيرًا من المنجزات السياسية والاقتصادية والأمنية طوال عمر هذا المجلس، هذا فضلاً عن التماثل الذي يصل إلى درجة التطابق في كثير من العادات والتقاليد، والموروث الشعبي، والتاريخ المشترك الضارب في أعماق التاريخ. وهنا لا بد من التطرق إلى واحد من حكماء العرب، مؤسس سلطنة عمان الحديثة، وباني نهضتها، السلطان قابوس بن سعيد، فعلاوة على شعبيته الكاسحة داخل السلطنة، فهو يتميز دائمًا بحكمته وقدرته على اتخاذ القرارات السياسية الصائبة في الوقت المناسب، الأمر الذي يضيف لانضمام سلطنة عمان إلى دول التحالف الإسلامي ضد الإرهاب وزنًا وقوة إضافية، وخصوصًا أن السلطان قابوس من مؤسسي مجلس التعاون، فأعطى هذا الانضمام من هذا الرجل المجرب الحكيم زخمًا لمسيرة التحالف الذي وصل بانضمام السلطنة إلى 41 دولة. وقضية الإرهاب المتأسلم، تعنينا نحن العرب المسلمين أكثر من غيرنا، لذا فإن الحرب عليه ومحاصرته وتقليم أظافر ثقافته التخريبية المتسربلة بثياب ديننا الحنيف، تهمنا نحن العرب المسلمين قبل الآخرين، فضلاً عن أن أذاه وأذى ثقافته يعاني منها المسلمون قبل غير المسلمين، وهذا ما يجعل هذا التحالف الذي تبنته وتقوده المملكة، هو بكل المقاييس تحالف في غاية الأهمية، حماية للإسلام مما ألحق به هؤلاء المتأسلمين من تشوهات في ذهنية كثير من غير المسلمين، حتى أصبح الإسلام والإرهاب عند كثير من الغربيين والشرقيين وجهين لعملة واحدة، لذلك فإن إصلاح هذه التشوهات التي أحدثها الإرهابيون المتأسلمون في الصورة النمطية للإسلام نحن المعنيون بها أولاً وأخيرًا؛ وهذا ما تحمله أهداف هذا التحالف في مختلف المجالات.
وأخيرًا لا بد من نسبة الفضل إلى صاحبه، فقد كان للجهود الموفقة التي بذلها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، أطيب الأثر لتحقيق هذه الخطوة الاستراتيجية المهمة التي تحمل الكثير من المؤشرات في قراءة القوى الإقليمية في المنطقة.
إلى اللقاء..