محمد بن علي الشهري
بالرغم من تعليمات المرجعية الأولى لكرة القدم (الفيفا) المشدّدة، على ضرورة الالتزام بالأداء النظيف، والتحلّي بالروح الرياضية من قِبل اللاعبين تحديداً تجاه الحكام وقراراتهم، كمبدأ سلوكي وحضاري من شأنه إظهار الوجه المشرق للتنافسات الرياضية بعيداً عما يفسده أو يشوهه.
إلاّ أن مخرجات (قروب خيرة) الذين ينتشرون بطول وعرض دكاكين الفضاء الصفراء، ومن يقف وراءهم، لا تعنيهم مثل هذه الأخلاقيات في شيء، والسبب تعارضها مع أهداف ومضامين الرسالة المتوارثة المكلّفين بأدائها والحرص على عدم اندثارها، لذلك لم تعجبهم انضباطية لاعبي الهلال السلوكية داخل الملعب المتمثلة باحترام قرارات الحكام وعدم الاعتراض عليها وبالتالي عدم تعرّضهم للبطاقات الحمراء لمدة طويلة.. وبدلاً من الإشادة بهم، والحثّ على الاقتداء بهم تماشياً مع مبدأ الأداء النظيف الذي لم ينفك ينادي ويطالب به (الفيفا) وتنشده كل الأعراف لكي تتحقق الأغراض السامية للرياضة.
ولكن لأنهم جُبلوا على ممارسة (الكيد) وتشرّبوا أساليبه الخبيثة خلال سنوات القحط الطويلة التي عكفوا وكرّسوا طاقاتهم خلالها لإتقان الكثير من المهارات الشيطانية التي منها: (كيف تستطيع أن تقلب الحسنة إلى سيئة، والإيجابية إلى سلبية، والأكذوبة إلى حقيقة، والعكس صحيح)، ولأن أمر القيام بأي من تلك المهمات لا يستدعي أكثر من التنسيق بين الأطراف المعنية بالتنفيذ، بدءاً من الاستراحة، مروراً بالإعداد، وانتهاءاً بالبث، مع ضرورة الحرص على التركيز وأن يكون العرض بالتزامن بواسطة أكثر من (بوق) وعبر أكثر من وسيلة على غرار الطريقة التي ظهر فيها (الثلاثي الكوكباني) في ليلة واحدة عبر ثلاثة دكاكين مختلفة لشرح الكيفية الصحيحة في تحديد بطل الشتاء؟!!.
لهذا تفتّقت مهاراتهم (الذهنيّة الكيديّة) عن مكيدة تأليب وتحريض الحكام على لاعبي الهلال من خلال تحويل انضباطيتهم واحترامهم للحكام وقراراتهم، إلى تهمة بحق الحكام المحليين من أنهم يجاملونهم، وبما أن الكثير من حكامنا بقيادة (أبوعبد العزيز الله يطول أعمارهم، ما يحتاجون توصية) في هذا الجانب وبالتحديد تجاه الهلال، بقدر حاجتهم إلى من يصنع لهم المبرر الذي ينطلقون منه وصولاً إلى الهدف المنشود، وحبذا لو جاء ذلك المبرر على شكل حملة!!.
من هنا فإن استخلاص الأغراض والأهداف الكامنة وراء (حملة التحريض والتأليب) هذه، لا تحتاج إلى الكثير من النباهة، ذلك أن الهدف والغرض الأساسي منها إنما يتمثل في توفير المبرر المطلوب الذي تنطلق وتتحقق عبره ومن خلاله باقي المطالب، وبما أن أيسر وأسهل الطرق وصولاً إلى الغاية لا يحتاج من الحكم أكثر من استفزاز اللاعب وإخراجه عن طوره، سواء من خلال القرارات التعسفيّة، أو اللفظية، أو من خلالهما معاً، ولا سيما إذا كان ذلك اللاعب من النوع (الأهوج) الذي لا يدرك ما حوله، ولا يعي مغزا استقصاده، ولا يقدّر ما سيترتب على انسياقه الأحمق من أضرار وتبعات بحقه وحق فريقه، وبذلك تنجح الحملة المغرضة في تحقيق أهدافها من كل الجوانب، والتي من أدناها إفقاد الفريق المثالي إحدى مزاياه المتمثلة بالتزام القيم الرياضية، وإدخاله عنوة في معمعة التنافس المشوب بكلما هو قبيح أسوة بتلك الفرق التي يقودها أصحاب الملفات (الأوسخ) سلوكياً على مرّ تاريخ كرة القدم السعودية حتى لا يكون ذلك الشرف حكراً عليها؟!!.
بمعنى: أن الحملة (القذرة) لا تختلف في شيء عن (شمّة البخاري) سواء من حيث المضمون أو من حيث الأبعاد والأهداف، ألا وهو استباق توجيه التهمة، وبالتالي وضع الجهات (المُتهمة) أمام خيارين أحلاهما مُرّ، إثبات العكس بأي شكل وأية وسيلة، أو الاستعداد لتقبّل الإدانة الموجهة سلفاً.. ومن يعتقد باختلاف المصدر الرئيسي (للشمّة) عن المصدر الذي يقف خلف (الحملة) فهو ناقص إدراك، بدليل الاحتفاء ببعض ما جاءت به الشمّة من تُهم استباقية، وتجاهل التُهم (البخارية) الأخرى التي تحدّثت عن أشياء وقعت فعلاً خلال المواسم الأربعة الماضية، وهو ما يدل بداهة على أن الطبختين قد تم إعدادهما في ذات المطبخ.. على أن نجاح مثل هذه (الكيديات) في تحقيق مآرب من يقف خلفها، إنما هو تأكيد صارخ على فساد عمل المعنيين بضبط الأمور، أعني المرجعيّة؟!!.
السؤال:
أي واقع هذا الذي نعيش فيه إلى درجة التضحية بمقومات ومتطلبات التنافس الشريف، في سبيل إسقاط أحد أهم أركان الكرة السعودية دون وجه حق، نزولاً عند رغبات ومساعي أولئك (المرضى) الذين يحرصون دوماً على الإضرار بالهلال وسقوطه أكثر من حرصهم على نجاح فرقهم في تحقيق المنجزات؟؟!!.
بالمناسبة:
(أقسم بمن أحَلّ القسم) لا يوجد أي رابط أو علاقة من قريب أو بعيد بين مضمون موضوعي هذا وبين التصريح الأخير لرئيس الهلال، وأن نيّة تناوله موجودة منذ بدء الحملة، ولكنني تريثت في تناوله لأنني كنت أربأ بحكامنا عن الانزلاق في المنحدر السحيق المُراد لهم الانزلاق فيه، أي إلى حد إشهار الإفلاس الشامل وتوثيقه، ولكنهم فعلوها كما رأينا وشاهدنا -مع شديد الأسف-.