عبدالعزيز السماري
صدر قرار من وزارة العمل لتأجيل تطبيق برنامج نطاقات الموزون إلى أجل غير مسمى، وهو ما يعني إلغاءه بأسلوب مختلف، ليؤكد مقولة إن لكل حقبة فلسفتها العملية، وأن لها مطلق الحق في جب أو نسف ما تم إقراره مسبقاً، وبدون مقدمات أو مبررات، أو مراجعة من قبل جهات أخرى لقرار التأجيل. وأوضح وكيل الوزارة أن التأجيل جاء استجابة لرجال الأعمال.
كان الغرض من نطاقات موزون معالجة أخطاء برنامج نطاقات القديم في توظيف السعوديين، واعتماد معايير أكثر دقة في تقييم التوطين الوظيفي، والحذر الآن من أن تقذف رياح التغيير في وزارة العمل بما تم إنجازه في توطين قطاع الاتصالات، وهو إنجاز فريد للوزارة في توطين قطاع بالكامل، وبدون حلول وسطية.
حدث شيء من هذا في العهود المتوالية لوزراء الصحة، فقد اعتدنا على مقولة إن لكل عهد رجالا، وهيمنت فلسفة التغيير الإداري على العقلية الإدارية، ففي أحد العهود السابقة للوزارة، كان وزير الصحة قريباً جداً من إقرار التأمين الصحي التجاري للمواطنين.
لكن بمجرد إعفائه جاء معالي الوزير الجديد ليقلب الصفحة من جديد، وكانت له وجهة نظر من تجارب عالمية سابقة، فالتأمين حسب معاليه يجب أن يكون وطنياً وغير هادف للربح، وينطبق على الجميع مثلما يتم تطبيقه في كندا، ثم توالت الحقبات الوزارية إلى أن حضر معالي الوزير الجديد، وليبدأ الحديث من جديد عن خصخصة القطاع الصحي والمستشفيات المتخصصة!
لماذا يأتي الوزير الجديد بغير ما يراه الوزير السابق، ولماذا يعتقد معالي الوزير أن له الحق المطلق في إلغاء أو تأجيل قرارات تم بذل العمل والجهد لدراستها وتطبيقها، وهو ما يفتح الباب لدراسة التنظيم الإداري للعمل الحكومي، وهل منجزات العهد السابق في وزارة العمل ليست مسؤولية للوزير الجديد، وأن عليه حماية تطبيقاتها.
هي دعوة للبحث في هذه الظاهرة الإدارية، وهل الوزارة لها مطلق تشريع وإقرار القرارات ولو كانت تخالف ما سبق إقراره من قبل الوزير السابق؟ وهل السبب يكمن في غياب جهات تشريعية تكون لها فقط كلمة إقرار أو إلغاء أو تأجيل تطبيق البرامج الوطنية، وألا يكون من صلاحية معالي الوزير الجديد إلغاء ما تم إقراره مسبقاً بدون الرجوع إلى الجهات التشريعية المخولة.
وذلك حتى لا تكون القرارات التنموية عرضة لمصالح الفئات، مثلما حدث، فقد تم تأجيل تطبيق برنامج وطني استجابة لرجال الأعمال، وهل يعني ذلك مشروعية المطالب الفئوية لإقرار وتأجيل تطبيق بعض القرارات التي تمس المصالح الخاصة؟
ما تعلمته من أطروحات الرؤية الوطنية أنها تتضمن مهمة تطوير العمل الإداري، وأن كل ثقة أن ذلك سيكون ضمن تحدياتها الأهم في المستقبل، وهو إصلاح منظومة العمل الإداري، والتوصل إلى إستراتيجية متقدمة لإقرار المشروعات الوطنية، ثم إصدار تشريعات لحمايتها من أساليب التغيير في العمل الإداري. والله ولي التوفيق