عمر إبراهيم الرشيد
ليس هناك اقتصاد متين دون قاعدة صناعية قادرة على المنافسة وتشكيل مصدر دخل جيد وآمن . كان خبر تصنيع طائرة أنتونوف (اي ان 132) متعددة المهام في مشروع أوكراني سعودي مبعث فخر ومؤشر على تحول اقتصادي فعلي. ومن وجهة نظري أن من أهم أسباب نجاح هذا المشروع، وحين يكتمل - بإذن الله- بتسويق وبيع هذا النموذج من الطائرات، أنه أتى بشراكة وتبادل منافع بين المملكة وأوكرانيا وأننا لم نعد (اختراع العجلة) بالبدء من الصفر فنهدر الوقت والموارد، إنما بدأنا من حيث انتهى الآخرون وهذا هو النضج الإداري الذي طالما انتظره السعوديون لعقود من الزمن. إضافة إلى ذلك، فإن صناعة بهذه النوعية والحجم تمثّل مرحلة جديدة للاقتصاد الوطني في حقل الصناعة تحديداً، ومعلوم ما يمثّله هذا القطاع من عائد اقتصادي للبلد وفرص لتوظيف الكفاءات السعودية من الجنسين وفرصة للجامعات ومراكز البحث للإفادة والاستفادة من هذا المشروع الحيوي . مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ليست كياناً جديداً وتعمل دون ضجيج ولها إسهامات كبيرة تقنياً وعلمياً، إلا أن العشم على قدر المكانة، لذا فالمجتمع السعودي يريد أن يرى إسهامات ملموسة تعالج مشاكل الحياة اليومية وما يسهم في تحسين جودة الحياة، من المدينة ومن الجامعات على حد سواء.
أقول ذلك لتأكيد أن مشروع طائرة أنتونوف متعددة الأغراض وكأنه لفت ونبه أنظار الجمهور للمدينة وشركة (تقنية) ممثلين للطرف السعودي مع نظيره الأوكراني، وشعر معه المجتمع السعودي بأن صروحه الأكاديمية والبحثية قادرة على الدخول في مرحلة التصنيع الفعلي والإنتاج وخدمة الوطن والمجتمع . على أن المدينة - كما قلت - تعمل دون ضجيج وإن كانت رسالتها الإعلامية للجمهور خافتة، فلا ننسى أنها صنعت أقماراً صناعية سعودية إلى جانب قطع غيار للطائرات وأخرى تقنية متنوّعة، عدا عن أن نصف ملكية الحقوق الفكرية لتصنيع الطائرة عائدة للمدينة وهذا مبعث فخر واعتزاز لكل سعودي وخليجي ، خاصة بعد أن بدأت طلبات من دول متعددة لاقتناء هذه الطائرة، حفظ الله هذا الوطن المعطاء .