علي الصراف
هل تذكرون طائرة «الحرس الثوري الإيراني» لتوصيل المتفجرات؟
قبل بضعة أسابيع نشرت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً لما وصف بأنه أول «طائرة انتحارية» من إنتاج «الحرس الثوري الإيراني». ويفترض بهذه الطائرة التي يتم تحميلها بالمتفجرات، أن يتم توجيهها إلى أهداف، من قبيل بعض المنشآت الحيوية أو السفن، لكي تصطدم بها فتنفجر.
تنظيم «داعش» (يا لعجائب الصدف!)، أعلن عقب هذا الإعلان عن استخدامه لهذه الطائرة ضد القوات العراقية والأمريكية التي تحاصره حول الموصل.
وبطبيعة الحال، فمن السهل على المرء أن يتوقع أن يقوم تنظيم «داعش» باستخدام
«تكنولوجيا توصيل المتفجرات» الإيرانية لكي تصطدم بمنشآت حيوية أو ملاعب كرة قدم أو محطات قطار أو أي مراكز لتجمع الناس، من أجل إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
العجيب في الاحتفال الإيراني بتكنولوجيا توصيل المتفجرات هو أنه قدم هذه
«التكنولوجيا» وكأنها معجزة من معجزات «التقدم العلمي» لمليشيات «الحرس الثوري».
ولكن هذا «الاحتفال» يكشف في الوقت نفسه عن مدى تفاهة المنطق الذي يقف وراءه.
أولاً، لأن تكنولوجيا «الطائرات من دون طيار» ليست، ولا بأي حال من الأحوال، جديدة ولا هي من اختراع إيران.
ثانياً، إنها لفرط انتشارها تحولت إلى لعب أطفال.
ثالثاً، هذه الطائرات، لا تملك وسائل للدفاع عن نفسها، ولا للمناورة. وهي من هذه الناحية ضعيفة جداً. وهو ما يعني أن المنشآت الحيوية يمكن أن تجد سبيلا لحماية نفسها منها.
رابعاً، الضرر الوحيد الذي يمكن أن تلحقه هذه الطائرة هو تجمعات البشر. وهو ضرر تقف خلفه عقلية إرهابية بكل معنى الكلمة.
ولكن، إذا كان المنطق التافه، يظل رخيصاً باستمرار، فما هي الخطوة المحتملة التالية لتكنولوجيا الإرهاب؟
قد لا يمضي وقت طويل قبل أن يعلن «الحرس الثوري الإيراني» عن إنشاء «قاعدة جوية» لطائراته الانتحارية.
وسوف يكون مركز هذه القاعدة، ليس على الأرض، وإنما في السماء، باستخدام مناطيد تحمل كل منها مجموعة طائرات لتوصيل المتفجرات إلى ما يأمل الولي اللافقيه أن يؤدي إلى إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
ومثلما كانت فكرة «الطائرات الانتحارية» مجرد تحوير طفولي لتكنولوجيا الطائرات من دون طيار، فإن فكرة «القاعدة الجوية» لطائرات توصيل المتفجرات، هي في الواقع فكرة مسروقة من «خدمة توصيل الطلبات» التي تزمع «أمازون» استخدامها، عبر إقامة محطات تخزين يتم حملها في مناطيد، ومن ثم تقوم طائرات صغيرة بتوصيل الطلبات إلى عناوين الزبائن.
القصة بالنسبة لأمازون، إنما تتعلق بكلفة محطات التخزين الأرضية، من جهة، وبكلفة توصيل الطلبات بالوسائل البريدية المألوفة، من جهة أخرى.
أما القصة بالنسبة «للحرس الثوري الإيراني» (الذي لا يعاني من هاتين المشكلتين)، فهي أنه يريد أن يبتكر تحويرا يحوّل الخدمة الإنسانية إلى ضرر، وأن يبدو وكأنه رائد في استخدام التكنولوجيا كاختراع لا يصيب إلا «الزبائن» الذين لم يطلبوا توصيلات كهذه.