د. عبدالواحد الحميد
انضمام سلطنة عُمان إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب خطوة جيدة تستحق الإشادة والتقدير. فالإرهاب صار في زمننا هو الآفة التي تضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه والتي غالباً ما يتم إلصاقها بالمسلمين، وأحياناً بالإسلام نفسه، بسبب سلوك فئات تنسب نفسها للإسلام بينما سلوكها - في واقع الأمر - أبعد ما يكون عن قيم ومبادئ الإسلام، بل يتناقض تماماً مع هذه القيم والمبادئ.
سلطنة عمان، الآن، هي الدولة الحادية والأربعين في تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، وهذه خطوة واعية من دولة تعتبر نموذجاً للاعتدال في مناخها الثقافي الفكري وفي بيئتها الاجتماعية المتسامحة وفي نهجها السياسي المنفتح، وكذلك في علاقاتها المتميزة مع العديد من دول العالم. وهذه العناصر توفر في النهاية كيمياء متناغمة تفرز بيئة طاردة للإرهاب والتطرف لعدم توفر أسبابه، ومثال ناجح في مكافحة الإرهاب والتشدد.
وعندما تنضم سلطنة عمان إلى هذا التحالف العسكري الذي يضم شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي وبلداناً إسلامية عديدة فهي تبعث برسالة تعبّر من خلالها عن رغبتها الأكيدة في مكافحة الإرهاب بكل الوسائل بما في ذلك الوسائل العسكرية.
وتمتلك سلطنة عمان العديد من المزايا التي تجعل انضمامها للتحالف مكسباً كبيراً من الناحية العسكرية والاستخباراتية والسياسة. فالسلطنة تحتل موقعاً جغرافياً مميزاً في بقعة مضطربة من العالم، وهي تملك خبرة عسكرية اكتسبتها من خلال نجاحها في تكوين اتفاقيات دفاعية مع دول متقدمة عسكرياً ضمنت لها التسليح المناسب والتدريب الجيد، كما أنها تملك أيضاً خبرة استخباراتية متفوِّقة يمكن توظيفها في مجال مكافحة الإرهاب. أما الناحية السياسية، فإن عمان حرصت دائماً على إبقاء قنواتها مفتوحة بما يعطيها مساحة للحركة.
هذا الانضمام للتحالف جاء، حسب ما ورد في بيان وزارة الخارجية العمانية، في سياق «الفهم المشترك للدول الإسلامية، وعلى وجه الخصوص دور وقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة على أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المناطق التي يسودها العنف الإرهابي المسلح»، وقد أوضحت وزارة الخارجية العمانية أن سلطنة عمان «سوف تبذل، وكما كانت على الدوام كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام في هذه المرحلة التي يتوجب تعاون كل الأطراف لتحقيقها».
وهكذا تصطف جميع دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة بلدان العالم لمكافحة الإرهاب، وهي - بذلك - لا تعلن فقط تبرؤها من أفعال بعض من ينسبون أنفسهم للإسلام وإنما أيضاً تكافح الإرهاب والإرهابيين كي تكون قدوة للجميع.