القاهرة - حوار: سجى عارف:
أثبتت العلاقات السعودية المصرية على مر التاريخ مدى القوة والمتانة والصلابة التي تحظى بها رغم ما تمر به من خلاف واختلاف في وجهات النظر، فالمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بينهما علاقات تشهد عليها المكانة الجغرافية والتاريخية التي يسجلها التاريخ وتقاس عليها قوة ومتانة العلاقات العربية.
التقت «الجزيرة» المستشار عبد العاطي الشافعي، الأمين العام لجمعية الصداقة المصرية السعودية للتآخي والتواصل رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، للحديث عن العلاقات بين البلدين وما تشهده على الساحة العربية فإلى نص الحوار:
* كيف ترى العلاقات السعودية المصرية وما تشهده الآن؟
- العلاقات السعودية المصرية لا نظير لها في العلاقات الدولية بأكملها هي علاقات نموذجية غير مسبوقة على مدى مئات السنين لأن الشعب السعودي والشعب المصري متداخلان جداً، ففي السبعينات كنت مستشارا لمنطقة تبوك فزرت مدن الساحل بأكملها وقد وجدت أن بيوتها تكاد تكون بيوتاً مصرية، الموجودون أخوالهم مصريون والزوجات سيدات المنازل كذلك مصرية الطباع، مصرية التقاليد، مصرية الأكل مصرية حتى الملبس مصري فلا فرق بينهم وبين المصريين، ولذلك أقول أن المملكة متداخلة وملتحمة التحاما كاملا مع مصر، بل إن الشعب السعودي ملتحم التحاما كاملاً مع الشعب المصري، هناك علاقات مصاهرة وعلاقات نسب فلا تجد شعبين متداخلين مثل هذا التداخل، كما هو الشعب السعودي المصري هو شعب جزء منه في قارة إفريقيا والآخر في قارة آسيا هي عائلة واحدة هي العائلة السعودية المصرية، هو شعب واحد في أمة واحدة، وإن اختلف المكان فالشعب المصري عندما يزور المملكة العربية السعودية لا يشعر بالغربة، كذلك السعوديون في جمهورية مصر العربية ملتحمون مع الشعب المصري فهم في وطنهم، مثل هذه المعاني غير موجودة على مستوى العالم، فليس لها شبيه على وجه الأرض، فهي لا نظير لها في العلاقات الدولية كلها، وفي هذه العلاقة لا يتصور أن يفرق بينهما أحد، هي علاقة متناغمة، صحيح يوجد هناك بعض الخلافات في وجهات النظر، العائلة الواحدة دائما تختلف، وهذا الاختلاف لا يفسد للود قضية، وهذه الخلافات التي تأتي في سماء البلدين هي سحابات صيف عابرة سريعا ما تنقشع لأنها لا تستمر طويلاً، لأنهما أشقاء يختلفون في وجهات النظر الثانوية، وليس الأساسية هو ليس اختلافاً بين القيادتين ولا الشعبين هو خلاف في وجهات النظر ولا يؤثر في قوة ومتانة هذه العلاقات، فلو قوى الشر في العالم كلها تواطأت واتفقت على أن تفرق بين الشعب المصري والسعودي ما استطاعت ذلك، ولو اجتمع الجن والإنس في صعيد واحد على أن يفرقوا بين الشعب السعودي المصري لن يستطيعوا.
* كيف تقيم أبرز التحديات التي تواجه البلدين في الفترة الحالية؟
- هي ليست تحديات هي مجرد عقبات وإشكاليات طارئة فعلى سبيل المثال إشكالية الجزيرتين تيران وصنافير فالرأي العام المصري في معظمه بل أن تسعين في المائة منه مع عدالة هذه القضية فنحن لا نتنازع على الأرض بين مصر والسعودية لأنهما مصلحة واحدة، فالذي لدى السعودية هو لدى مصر والذي لدى مصر هو لدى السعودية هذا المعنى يجب أن يكون ثابتاً ووارداً لدى جميع المصريين وجميع السعوديين، فلا خلاف في كونهما مصرية أو سعودية ولكن الحقيقة وفقا للاتفاقيات والوثائق هي سعودية الأصل بكل الوسائل، أما الحكم الصادر إن كان له تأثير هو حكم مبدئي من القضاء الإداري، وكوني أرأس لجنة فض المنازعات في وزارة الخارجية المصرية فأنا على علم بطرق فض المنازعات، ولذلك أقبل العوارض أو العارضة التي تأتيني لفض النزاع مهما كان ما فيها فالعبرة هنا بالنهاية، العبرة في الحكم في نهاية المطاف، حتى في المحكمة عندما كنت رئيساً للمحكمة العليا سابقاً أي ورقة تأتيني كنت أقبلها لكن الرأي هنا في النهاية بالفصل في الحكم والنزاع هنا عادي يحدث في كل مكان وكل العائلات والأسر الواحدة هي مسألة عائلية في العائلة السعودية المصرية، ومع ذلك هو حكم مبدئي قابل للإلغاء وفي الغالب سوف يلغى لأن القضية رفعت دون تقديم مستندات وهيئة قضاء الدولة الممثلة لها لم تقدم المستندات فقام القاضي بالفصل في القضية بحالتها، فلم تكن المستندات والوثائق مقدمة أمام نظر المحكمة وسوف تقدم أمام الدرجة الثانية من التقاضي وهي المحكمة الإدارية العليا. وإن شاء الله أنا كقاضي أعلم أن هذا الحكم سيلغى، وقد يكون القاضي قد أخطأ وكل ابن آدم خطاء سواء في مصر أو السعودية المستندات التي قدمت لم تسانده، وكان هناك تراخ في تقديم المستندات؛ فالوضع الموجود أمامه ليس هو وضع الواقع إنما هو يتخاطب مع الأوراق الموجودة أمامه لم تكن مكتملة وقد يكون القاضي مقتنعاً بغير ما قضى به لكنه يحكم بالأوراق التي أمامه.
* هناك العديد من المساعدات التي قدمتها السعودية لمصر منذ أحداث 25 يناير كان أهمها البترول فكيف تجد أزمة انقطاعه مؤخراً؟
- مصر تلتمس الأعذار للمملكة العربية السعودية سواء كانت قيادة أو شعباً، نعلم علم اليقين الانهيار الذي حدث في أسعار البترول العالمية كما نعلم أن منظمة أوبك طلبت من أعضائها التقليل من حجم البترول المستخرج في محاولة لإعادة أو مقاربة ميزان الأسعار على ما كانت عليه، وهذا عمل اجتهادي والمملكة العربية السعودية مرغمة عليه في رأيي الشخصي، بل إن الظروف هي التي أرغمت السعودية على ذلك في رأيي هو قرار مؤقت إن تأخر البترول خلال هذا الشهر أو شهر آخر أيضاً شهرين هو عمل مؤقت إلى أن يعود ميزان توازن أسعار البترول ولذلك الشعب المصري يقدر تماما ظروف الشعب السعودي، كما أن القيادة المصرية تقدر أيضاً ظروف شقيقتها القيادة السعودية الحكيمة.
* لماذا لا يقدر الإعلام المصري كما يقدر الشعب والقيادة الظروف في المملكة؟
- هناك فرق بين التقدير والتكدير؛ فالشعب المصري يقدر أما الإعلام المصري فيكدر، ولذلك هناك فرق بين شعب يقدر وإعلام يكدر، فإعلامنا المصري لديه توجهات في منتهى السوء، إعلامنا للأسف الشديد ليس على مستوى المسؤولية ونقولها بملء: الفم إعلامنا في منتهى السوء وللأسف الشديد وصل الانحراف إلى الإعلام لدرجة أن أعداء الأمة استخدموا إعلامنا ضدنا واستأجروه لتشويه العلاقات بين الدول العربية والإسلامية، إن هذا الإعلام يبحث عن بصيص نار لكي يشعلها، وليس كل الإعلام سيئاً، ولكن السوء هو الذي يظهر ويطفو.
* ما الحل؟
- الحل بالنسبة للإعلام المصري يجب أن يصدر قانون الإعلام الذي ينظم الإعلام وينظم حلقته ويكون هناك جزاء وعقاب على مثل هذه الانحرافات والتجاوزات الإعلامية، ويكون هناك قانون يقول لهذا النوع من الإعلاميين كفوا عن هذا الهراء الذي تمارسونه، لأنه لا يسيء إلى الدولتين فقط ولا يسيء إلى الشعبين فقط بل يسئ إلى الأمة العربية الإسلامية بأكملها وإلى أجيال قادمة.
* ماذا عن حرية التعبير؟
- كتبت مقالا في إحدى الصحف بعنوان (حرية التعبير أم حرية التدمير) فهناك فرق بين التعبير الذي يبني والتدمير الذي يهدم، فقد خلطنا ما بين النقد البناء والنقد الهدام، الصحف المصرية كلها تهاجم، كلها تعارض، كلها تحارب تنتقد نقدا هداما لا بناءً، حيث يضخمون في السلبيات ويخفون الإيجابيات، أي جريدة تقرأها اليوم حتى الصحف القومية تجد معظم الأعمدة هجوما ونقدا، هجوما على نظام الحكم، هجوما على الايجابيات، هجوما على القرارات هجوما على المشروعات القومية الكبرى، حتى على المؤتمرات التي تعقد، الهجوم لذات الهجوم: هل منعهم أحد من الكتابة، هذا ولم تصادر صحيفة أو لم يقصف قلم، ولم يخرس لسان، كل الألسنة في برامج التوك شو مساءً تحارب الانجازات وتحارب المشاريع القومية، تحولها إلى سلبيات وتظهر السلبيات على أنها حقيقة واقعية، فلا يريد هؤلاء إلا الهدم لا البناء.
* كيف تقيم الجسر البري بين المملكة ومصر؟
- هذا الجسر هو حلم سعودي مصري عربي إسلامي، هذا الجسر البري سوف ينقل العلاقات السعودية العربية المصرية نقلة كبرى، بل وسيساعد ليس في نقل الأفراد فحسب والحجاج والمعتمرين والزوار والعاملين سيساعد على تضخيم حجم التجارة الدولية البينية بين الدول العربية كلها بل سيسهل النقل التجاري والتجارة الدولية ما يرفع منها، هي الفكرة الناجحة ثم وسائل النقل مثل هذا الجسر المنتظر الذي هو أحد وسائل النقل كما سيعمل على تقليل نفقات وأسعار السفر بين الشقيقتين وسيسهل السياحة الداخلية لكليهما؛ لأن أرخص أسعار السفر هو البري والبحري.
* كيف تجد موقف مصر من قانون جاستا ضد المملكة ودول أخرى؟
- إنه قانون تهريجي، نص هذا القانون يخدم المشروع الأمريكي القديم وهو الشرق الأوسط الجديد يسعى إلى التفرقة بين الدول العربية وتقسيم كل الدول وانفراد بكل دولة على حده، هي وسائل تخدم هذا الهدف القديم والمخطط الصهيوني، كلها أهداف دنيئة تخدم هدفا دنيئا، وهنا سؤال يطرح نفسه حينما ترتكب جريمة في أي من بقاع الأرض ومن بين مرتكبي هذه الجريمة أمريكي هل تساءل أمريكا عن هذه الجريمة؟ هل يطلب من كل دولة أن تتبع رعاياها في جميع الدول في كافة أرجاء الأرض بغية ضبط مسلكهم وتصرفاتهم وأعمالهم، هذا قانون تهريجي لا يتفق مع العقل أو المنطق أو الأخلاق ولا القيم، ماذا عن القاعدة التي هي تنظيم أمريكي استقدمت لها سعودي أو اثنين هل السعودية مسؤولة عن أعمالهم حتى على مستوى الأسرة الواحدة إذا ارتكب أحد أفرادها جريمة ما لا يؤخذ ولا يعاقب عليها الأسرة بأكملها فلا تزر وازرة وزر أخرى، الجريمة لا يحاسب عليها إلا مرتكبيها والمذنب وحده هو المسؤول عنها لا غيره فأثرها عليه وحده، وقد يكون خارجا عن القانون في السعودية أو قد يكون خائنا للسعودية أو قد يكون جاسوسا عليها، فكيف تساءل المملكة العربية السعودية عنه؟!! هذا قانون تهريجي تخريبي تحريضي.
* ألا تجد معي أن هذا القانون يجرم أمريكا نفسها ويعرضها للمساءلة القانونية في حق الدول التي انتهكتها كدولة وليس كأفراد وتستطيع هذه الدول أن تحاكم أمريكا وفقاً لهذا القانون؟
- نعم، الحقيقة إذا أخذنا بمعنى هذا القانون فإن على أمريكا أن تقف في قفص الاتهام بما فعلته في اليابان وفيتنام والعراق وليبيا وسوريا اليوم وتعوض هذه الدول مئات الألوف بمن قتلوا فيها، هذا القانون هو ضد أمريكا نفسها أمريكا لم ترتكب جرائم بفعل فرد أو اثنين أمريكا ارتكبت جرائم ضد البشرية بأكملها، ارتكبت جرائم في حق دول كاملة جرائم نكراء تدفعنا إلى مساءلة أمريكا بمقتضى هذا القانون كدولة وليس كأفراد، لأنها كدولة أعدمت دول وأنهكتها تحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية.
* كيف تقاوم الدول المتضررة هذا القانون؟
- هذا القانون مرفوض في أصله فلو ذهب إلى محكمة العدل الدولية سوف يدان، كونه قانونا غير منطقي وسوف تلغيه، فهو قانون لا أصل له ولا ذريعة، وفي رأيي: على كل رجال القانون في كل الدول العربية رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية لتؤاخذ أمريكا بالقانون الذي وضعته، ومطالبتها بتعويضات عن مئات الألوف الذين قتلوا في العراق وسوريا وليبيا واليمن بموجب هذا القانون.
* ماذا عن دور الحكومات ألا يتوجب عليها أن ترفض مثل هذا القانون؟
- كيف تقف الحكومات أمام توافه الأمور، هو قانون تافه لا يستحق أن تلتفت إليه أي دولة ولا تعطيه اهتمامها أبداً نحن لا نريد الحكومات أن تتصدى أو تشغل نفسها بهذه التفاهات حتى لا تعطيها أكبر من حجمها وتزيد قيمته.
* حدثني عن الدور الإيراني والتشعب الشيعي في المنطقة العربية؟
- نحن لسنا ضد المذهب الديني إنما الشيعة كسياسة تريد أن تعيد الخلافة الفارسية، فإيران تحلم بالسلطنة الفارسية تريد أن تحكم الدول العربية والإسلامية بالحكم الفارسي القديم، فليس فيهم رجل رشيد هم سيَّسو المذهب الشيعي وأخرجوه عن سياقه الصحيح وجعله من ذلك سبباً في محاربة المسلمين، والسنة على وجه التحديد فحاربوا الدول الإسلامية والمسلمين بوجه عام، هم عون لأعداء الإسلام والمسلمين، إيران الآن تتخلى عن المسلمين وتعين أعداء الدين هم مسلمون شكلاً وليس حقيقة، فلم يسلم المسلمون من أذاهم، خاصة بعد تحويلهم للمذهب الشيعي إلى مذهب سياسي في محاولة منهم على السيطرة على الأمة العربية الإسلامية والسيطرة على مقدراتها.
* كيف تقيم اليد الإيرانية في اليمن؟
- اليد الإيرانية في اليمن ظاهرة ومتفشية جداً فجميع الحوثيين في اليمن هم من أصل إيراني أظهروا المذهب الشيعي الإيراني ظهاراً جهاراً، إيران تساعد الحوثيين في اليمن ورئيسهم المخلوع علي عبد الله صالح ليس خفية ولكن جهاراً نهاراً فلو تخلت إيران عن مثل هذه الأفعال الحمقاء في اليمن أو غيرها من الدول لصلحت الأوضاع واتزنت الموازين.