فهد بن جليد
مؤخراً حاولتُ أن أقنع أحدهم بأن (جلد الدجاج) مُفيد للجسم وليس ضاراً - كما يُشاع سابقاً - استناداً إلى دراسات علمية حديثة نشرتها هذا الأسبوع جامعة (هارفارد)، التي وضحت بأن الاستهلاك المُعتدل (لجلد الدجاج) مُفيد للقلب، ويُساعد في تخفيف الكوليسترول في الدم لأن الدهون التي يحتويها (غير مُشبعة)، وهي تمد الجسم بالأحماض الدهنية، إضافة إلى (أميغا 6 وأميجا 3) ولكن صاحبنا رفض الفكرة إطلاقاً بناءً على قناعات سابقة، مُعلناً إصراره على أن (جلد الدجاج) مُضرّ للصحة، وخطير جداً، ويجب نزعه، علماً أننا (الاثنين) لسنا أطباء في نهاية الأمر!.
قديماً قيل (حرِّك جبل ولا تغيّر طبع)، التبادل المعرفي وتصحيح القناعات الخاطئة أمر في غاية الضرورة خصوصاً أمام القضايا التي - يثبتها أو ينفيها العلم - ويجب أن نكون مرنين مُستعدين لتصحيح قناعاتنا في شتى مناحي الحياة، لستُ مُتأكداً أننا جميعاً نستطيع فعل ذلك حتى أمام أبسط قناعاتنا التي كبرت معنا مُنذ الصغر، وتربينا عليها، وأثبت العلم عدم صحتها..؟!.
طباعنا وقناعتنا (الشخصية والمُجتمعية) يُفترض أنها تشكَّلت بناءً على تطوّرنا العلمي المُتجدِّد، وفهمنا للأمور المُتغيِّر وفقاً لكل مرحلة (عمرية وعلمية) نعيشها، وليست من المُسلّمات التي نؤمن بها خصوصاً عندما يُثبت العلم خلاف ما اقتنعنا به سابقاً - والذي يُفترض أنه تم بناء على معلومة أو خبرة علمية - استقيناها وتعلمناها، ولكن كما قيل (لا مكان للحديث عن الحقائق العلمية في باب القناعات) والأخطر من ذلك؟ عندما تُفسح المجال ليُشكِّل غيرك (قناعاتك وطباعك) الشخصية، من غير مُستند علمي أو (دليل شرعي) في الأمور الدينية، ثم تتحول إلى محامٍ ومُدافع عن قناعات غير صحيحة؟!.
العرب تقول (اطرد الطبع من الباب يأتيك من الشباك)، علينا أن نُفرق بين الطباع والقناعات التي تربينا ونشأنا عليها - القابلة للتغير والطرح العلمي - وبين المُسلّمات الدينية والشرعية التي نؤمن بها ووردت في القرآن الكريم، والسنة النبوية المُطهرة، وإجماع علماء الأمة..؟!.
نحن نخلط بين ما سبق، حتى إنك تعجز عن إقناع شخص بأن (جلد الدجاج غير ضار) كما ثبت علمياً، فيما قناعات أخرى ما زالت تُلزم الطفل الذي سقطت (سنّه اللبنية) برميها تجاه الشمس، وترديد (يا شموسة خُذي سن حمار، وعطيني سن غزال) في مخالفة شرعية مُضحكة؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.