جاسر عبدالعزيز الجاسر
أظهرت عملية خطف الصحفية العراقية أفراح شوقي ومن ثم إطلاق سراحها، أن بغداد، بل وجميع مدن العراق مستباحة أمنياً ولا أحد يأمن على نفسه في دولة استباحتها المليشيات الطائفية الإرهابية من كلا المكونيين المذهبيين اللذين يحركهما مصدر واحد، والذي يسعى إلى بقاء العراق يعيش فوضى أمنية تجعله تابعاً له ويدار عبر عملائه من قادة المليشيات.
أفراح شوقي قالت بعد إطلاق سراحها وبعد اعتقال دام تسعة أيام، إذ خطفت من منزلها يوم الاثنين 26 كانون الأول «ديسمبر» قبل نهاية العام بخمسة أيام وتم الإفراج عنها مساء يوم الثلاثاء 2 كانون الثاني «يناير» من العام الميلادي الجديد، وتمت عملية الاختطاف من منزلها بعد أن اقتحم المنزل مجموعة من المسلحين يرتدون ملابس رسمية لأحد الأجهزة الأمنية، وبعد إخراج الصحفية العراقية من منزلها في حي السيدية في بغداد، أركبوها في سيارتها الخاصة بعد سرقة مبالغ مالية وحلي ذهبية وجدوها في منزلها بعد تفتيش دقيق للمنزل استمر وقتاً غير قصير، وبعد إتمام عملية التفتيش اقتاد الخاطفون سيارة الصحفية أفراح شوقي وهي داخلها مع ما سرقوه من أموال وذهب واتجهوا بها إلى جهة غير معلومة، طبعاً لأهلها، إلا أن الجهات الحكومية لابد وأن تعلم أين هي تلك الجهة. وبعد تسعة أيام تم إطلاق سراح الصحفية وسلموها سيارتها، أما الأموال والذهب فاعتبر «مكافأة» للذين نفذوا الاختطاف والجهة التي أمرت به، وقد قالت الصحفية المختطفة، «عاملوني معاملة جيدة، وكان هناك إجراء بسيط استجوبوني وطلعت براءة».
طبعاً أفراح شوقي لم تذكر الجهة التي اختطفتها، إلا أن قولها بأنها خضعت للاستجواب وأنها طلعت براءة، تعني أن تلك الجهة التي قامت بالاختطاف، جهة أمنية رسمية، أو قوة متنفذة تتبع إحدى مليشيات الحشد الشعبي الشيعي، وخصوصاً أن منطقة السيدية تعد إحدى المناطق التي تسيطر عليها تلك المليشيات كما أن عملية الاختطاف جاءت بعد نشر الصحفية أفراح شوقي تحقيقاً على الإنترنت بعنوان «استهتار سلاح في الحرم المدرسي» حمل اتهامات مباشرة وواضحة عن مسؤولية المليشيات الطائفية التابعة للحشد الشيعي عن انتشار ذلك السلاح.
والشيء الآخر الذي يؤكد أنّ هناك تواطؤاً أمنياً ومشاركاً للمليشيات في جريمة الاختطاف أن الصحفية الشابة أفراح شوقي ظلت تسعة أيام، وخاطفوها يحققون معها ويستجوبونها وبعد تلك الأيام التسعة «طلعت براءة» حسب أقوالها بعد إطلاق سراحها، وهو ما دفع العراقيين وكل من سمع قصتها، وأقوالها يتساءلون عن أي تهمة خرجت منها أفراح شوقي براءة...!! وهل هناك جهة أخرى في العراق غير الجهات الأمنية تمتلك الصلاحية للتحقيق مع العراقيين وتمنحهم صكوك البراءة.
قضية تضاف إلى مجمل القضايا التي تشهدها العراق منذ عام 2003 والذي غرق بعد الغزو والاحتلال الأمريكي وحكم الطائفيون بالعديد من الظواهر الشاذة ومنها عمليات قطع رؤوس العراقيين ورمي جثثهم في نهر دجلة لمنع التعرف عليهم، وخطف العديد منهم طلباً للفدية، والآن أضيفت لها جريمة خطف الصحفية الشابة أفراح شوقي لترهيب الصحفيين لإجبارهم على إغماض عيونهم عن جرائم المليشيات.