يوسف المحيميد
كانت البنوك سابقًا تقدِّم كامل التمويل لشراء الوحدات السكنية للمواطنين حتى صدر قرار مؤسسة النقد العربي السعودي بخفض التمويل إلى 70 %، بحيث يؤمن طالب الشراء مبلغًا يصل إلى 30 % من قيمة هذا العقار؛ وذلك بحجج مختلفة، منها حفظ حقوق البنوك، مع أنها تضع كل الشروط التي تضمن حقوقها من المواطن، بما في ذلك بقاء العقار باسمها، والتصرف فيها في حال العجز عن الوفاء بالدَّين، وما إلى ذلك.
مؤخرًا أعلنت ساما عودة تمويل البنوك والمصارف إلى 85 % من قيمة شراء الوحدات السكنية في محاولة غير موفقة لإعادة الانتعاش العقاري للسوق الذي يعاني كثيرًا من الجمود وبطء النمو، بل الكساد في بعض المناطق. ولا يعني ذلك أنني أقف ضد محاولات إنعاش السوق العقاري؛ فهو يبقى أحد مكونات الاقتصاد الوطني، ونموه يعني الازدهار الاقتصادي بشكل عام، لكن المحاولة جاءت في وقت غير مناسب إطلاقًا، في وقت لا يتوقف فيه المحللون الاقتصاديون، وفي مختلف وسائل الإعلام، عن الحديث عن أهمية التقشف الأسرى، والاكتفاء بالأساسيات الحياتية، والاستغناء عن السلع الكمالية، ومحاولة الادخار لأيام سوداء قادمة، وطرق تصميم وتخطيط ميزانيات أسرية صغيرة، يحدد فيها المصروفات الضرورية، والإيرادات الشهرية.. وهكذا من مؤشرات غير مشجعة للمغامرة بشراء عقار، خاصة مع عدم الانخفاض الواضح في أسعار الوحدات السكنية!
قد نتفق بأن منزل العمر بالنسبة للأسرة هو من الضروريات، بل من الأولويات التي تزيح عن كاهلها شبح الإيجار السنوي، لكن هذا العرض الميسر من قِبل البنوك برفع التمويل العقاري يأتي في وقت لم تنخفض فيه الوحدات السكنية بشكل معقول، إضافة إلى فقدان الموظف الحكومي معظم البدلات التي كانت تمنحه نوعًا من التوازن المالي، وكفاءة القدرة الشرائية. وهذا الأمر ينطبق على موظف القطاع الخاص، الذي تضرر بسبب انخفاض الإنفاق الحكومي على المشروعات والدعم الذي تستفيد منه الشركات والمؤسسات، بما انعكس سلبًا على الموظف نفسه؛ لذلك أتساءل: ما جدوى مثل هذا القرار في مثل هذا التوقيت؟ هل هو محاولة مستميتة لإنعاش سوق عقاري يعاني من الركود؟ حتمًا هو ليس بحثًا عن تحقيق حلم مواطن، لم ينجح في تأمين سكنه وقت الرخاء!