خالد بن حمد المالك
نشاهد القنوات الفضائية، نبحث عن حدث سار، وخبر مفرح، عن صورة تعيد لنا أفراحنا وابتساماتنا، فلا نجد أمامنا غير الدماء والقتل والحروب الطاحنة والتدمير الذي لا يستثني مسجداً أو مدرسة أو مركزاً لإيواء الناس.
* *
نذهب إلى الصحف، نقرأها بتأنٍ، وإلى مواقع التواصل الاجتماعي، من موقع إلى آخر، فتصدمنا أخبارها وتعليقاتها، فليس بينها من يزرع الفرح في نفوسنا، أو يخلصنا من آثار ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
* *
وكأن ثورة الاتصالات، وهذه التقنية العالية في ربط الأحداث بمتلقيها قد وجدت من أجل أن تضعنا مكبلين بهذه الصور المأساوية، سجناء وغير أحرار لانعدام الإنسانية بين جموع البشر، مسلِّمين أمرنا لمن لا يرحمنا، ومكرهين على القبول بما لا يمكن قبوله.
* *
فكيف بنا أن نفك هذه الأغلال، وكيف السبيل لتحقيق ذلك، وهذه حالنا، وكيف يمكن للضعفاء منا أن يتخلصوا من هذا الجحيم، بينما من يقوم بهذا السلوك المشين هم الكبار والقادرون من دول ومنظمات وأفراد، مستخدمين الصغار والضعفاء منا وقوداً لهذه النار المشتعلة.
* *
إن أمتنا في حال لا تحسد عليها، ووضع مأساوي يدمي القلب، ومستقبل غامض، ربما جرَّنا إلى ما هو أسوأ، ومازلنا نبلع طُعم المؤامرات، ونقدم أنفسنا ضحايا لخداع الأعداء ولمن يساعدهم من أبناء جلدتنا، دون أن نفكر بما هو آت من ويلات.
* *
فقد أصبحنا بلا وعي ومعرفة بخطورة ما يخطط لنا، وكأننا قد فقدنا القدرة على التفكير، فسلّمنا أمرنا ورقابنا ودولنا لمن يريد أن ينهي وجودنا، بينما نحن سادرون في جهلنا أو تجاهلنا لما يجري، فيما الحقائق وحجم المؤامرات ضدنا تنطق بها الوقائع والأحداث والجرائم المشاهدة.
* *
تُرَى، ألم يحن الموعد بعدُ لاسترداد وعينا، وترتيب البيت الكبير، وإعادة التعاون والتضامن بين هذه الأمة، أم أن قدرنا أن نكون كما نحن الآن، وأن نقبل بالهوان والضعف والتشرذم، ومن ثمَّ لا يكون لدينا حيلة أو مقدرة لمعالجة ضعفنا.
* *
أعيدي يا أمتي التفكير فيما نمارسه الآن، والذي لن يرحمنا التاريخ أو يمد لنا مبرراً في ممارسته، أما أنتم يا قادتنا فقد آن الأوان للمصالحة ونبذ الخلافات، فمفتاح العلاج يأتي من عندكم، وبه سنكون على موعد مع غدٍ أفضل، ومستقبل يعيد لنا كرامتنا بمثل ما كنا عليه وأفضل.
* *
لقد هرب الفرح من أنظارنا، ولن نقول إنه لن يعود، مع أننا لا نجد في المشاهد التي نراها شيئاً يساعد على إسعادنا، فالتطورات الدموية المتلاحقة تتسارع بيننا وبين أي أمل قريب للتوقع بما هو أجمل، ما لم تكن هناك معجزة ليست على البال، وعمل صادق يعيد لنا اعتبارنا.