جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا يعيب المرء مهنته التي يعول بها نفسه وأسرته إن كانت مهنته شريفة، ولهذا لم يكن أحد يعيب على المغني المصري شعبان عبد الرحيم عمله السابق، الذي عرف كمكوجي يكوي الملابس بالطريقة التقليدية التي تعتمد على القوة الجسدية التي منحها الله لشعبان عبد الرحيم، إذ تعتمد على استعمال «الكواية النارية» التي تحرك باليد والقدم معاً، وكان شعبان معروفاً في أحياء الهرم بالجيزة وخاصة في نزلة السمان ونزلة السيسي، إذ كان يمارس هوايته كمغني شعبي في الأفراح التي تقام في تلك الأحياء وحتى بعد أن فتح الله عليه ظل شعبان على صلة بتلك الأحياء وبأصدقائه القدامى، ومثلما حافظ على أصدقائه حافظ على مستواه الثقافي وظهرت علامات الحرمان الذي عاشه في بداية حياته في طريقة لبسه واقتنائه للساعات وغيرها من الصور المشوهة وقد تقبل الجمهور المصري والعربي المستوى الثقافي لشعبان وحصروا اهتمامهم باللون الشعبي الغنائي لـ«شعبولا» ولهذا فإن الكثير منهم لا يهتم بآرائه وحتى هو يتجنب الخوض في حوارات ثقافية وطبعاً لا يمكن الاقتراب من الحوارات السياسية التي تكشف جهلاً سياسياً، وبعبارة مختصرة تقبل الجمهور شعبان عبد الرحيم كمفتي شعبي ذو لون خاص به حظي بالاهتمام في بداياته كظاهرة غنائية شعبية، هذه الظاهرة حاولت واجهات سياسية الاستفادة منها وتوظيفها لخدمة أجنداتها وقد نجحت في توظيفه لمواجهة التطبيع مع إسرائيل، من خلال إطلاق أغنيته «أنا بكره إسرائيل» والتي انتشرت بصورة مذهلة بين أوساط المجتمع المصري الذي كان مهيئاً لذلك لأن في بيت كل مصري شهيداً جراء حروب إسرائيل العدوانية، وبسبب هذا النجاح حاولت «مافيا التشيع» في مصر والتي يقودها محمود الجندي الذي يتلبس دور الناطق الإعلامي والمروج لمليشيات الحشد الشعبي العراقي» المكون من المليشيات الطائفية في العراق، والذي نظّم وسير العديد من الرحلات لبعض الممثلين المصريين لزيارة عتبات الشيعة في العراق ومنهم إلهام شاهين وفاروق الفيشاوي وأحمد ماهر الذين انضموا إلى قوافل بعض الصوفية في زيارات كانت تتم بصورة دورية زاد عليها «كومبارس» محمود الجندي بأن ينخرط ما ذكرناه من فنانين خفّ وهجهم الفني وابتعدت الجماهير عنهم، ونشرت لهم صوراً عبر فيديوهات الأجهزة المتنقلة وهم يرتدون ملابس الحشد الشعبي العراقي، وبعد نجاح محمود الجندي في توريط تلك المجموعة من الفنانين، اتجه إلى شعبان عبد الرحيم وأقنعه بالغناء لتجيد الحشد الشعبي العراقي، ولأن «شعبولا» لا يفرق بين الحشد الشعبي العراقي، أو أي فرقة أو جماعة تستطيع أن تدفع له أتعابه مثل أي حفل يقدم فيه وصلته الغنائية لا تخرج عن رتم موسيقى لا يتغير، قبض المقسوم وهو عبارة عن بضع آلاف من الدولارات ليغني أغنية لتمجيد الحشد الشعبي العراقي.
ورغم أن الأغنية لم تتداول بنفس أغنية «أنا أكره إسرائيل» إلا أنها أساءت كثيراً لشعبان عبد الرحيم والذي أكد من خلالها بأنه دخيل على الفن ورواده، بتوافقه على ظاهرة الحشد الشعبي العراقي، مؤكداً ما يردده العرب من مثل يقال في مثل هذه الحالات «وافق شن طبقة» وهكذا وافق شعبولا طبقة الحشد الطائفي في العراق، ومثلما شوهت ظاهرة «شعبولا» الفن المصري الذي قدم الروائع وعباقرة الفن من عبد الوهاب وأم كلثوم، شوّه الحشد الطائفي العراقي العسكرية العراقية، صاحبة التاريخ المجيد.