فهد بن جليد
العديد من الصحف العربية والخليجية الورقية أغلقت أبوابها نهاية عام 2016م ومع بداية عام 2017م، ورافق هذه الخطوات اعتقاد خاطئ بأن الصحف الورقية تحتضر، وأن جميع صحفنا ستسقط قريباً مما سبب هلعاً عند المشتغلين في هذا القطاع، وكأنّهم سيصبحون على الأرصفة غداً؟.. إلخ، وهذه (شماتة إعلامية) يروِّج لها (سفهاء الإعلام) و(كذبة) صدقها الدخلاء على المهنة، من غير أصحاب الخبرة والدراية والمعرِّفة الأكاديمية؟!
نحن نتفق جميعاً على حتمية التخلي عن الورق كنتيجة طبيعية للتطوّر التقني الذي يعيشه القطاع الإعلامي العالمي، ولكن ليس بهذه السرعة، وبهذه الطريقة والسيناريو المخيف، كأنّ المستقبل لن يستوعب منتسبي المؤسسات الإعلامية.. كل الصحف التي أوقفت (نسخها الورقية) لها ظروفها المحيطة والخاصة، والحقائق تبقى غائبة في (جعبة أصحابها)، أمَّا الشمَّاعة الأسهل دائماً فهي موت (وسائل الإعلام التقليدي) خصوصاً الصحف الورقية، وهذا تجني على صاحبة الجلالة وعشّاقها، ودورها الكبير الذي لعبته سابقاً، وما يملكه الدالفون لبلاطها من القدرات والتأثير والحقائق والمصداقية والرَّزانة والمسؤولية.. إلخ ممَّا لا يتوافر عند غيرهم، ويتسحقون به مِّيزات عديدة؟!
نيويورك تايمز (كمثال عالمي) تكبَّدت تراجعاً في أرباحها للنصف الأخير من عام 2016م نتيجة الانخفاض الشديد في العائدات الإعلانية للنسخ الورقية، وقالت رسمياً أن العائد من الإعلانات الرقمية والنسخ والخدمات الإلكترونية لم يكف لتعويض انخفاض 18.5 % من الإعلانات الورقية، رغم ما يشاع عنها من نمو وازدهار، علماً أن إجمالي الانخفاض العام للعائدات الإعلانية وصل لنحو 7.7 %، وهذا فيه دلالة على ما ذهبت إليه سابقاً بأن (الإعلام الرقمي) سيكون عاجزاً عن سد الفراغ في النواحي (الإعلانية) لو غاب الإعلام الورقي الآن؟ فكيف سيكون الأمر مع وسائط التواصل الاجتماعي التي ما زالت ناشئة؟ وماذا عن نواحيٍ أخرى (تحريرية) وأشكال إعلامية متعددة غائبة عن ذهن المتعجلين من الإلكترونيين وأنصارهم؟!
المجموعة العالمية الرائد تعمل اليوم على محورين مهمين؟ يجب أن تتنبه لهما المؤسسات الصحفية السعودية والعربية؟!
الأول هو تجديد الصيغة الورقية، والعمل على تقديم خدمات خاصة وفرِّيدة مرادفة لها تتفرد بها المجموعة الصحفية.
والثاني هو دعم حضورها على منَّصة (الإعلام الرقمي)، وتعزيز حضور المؤسسات العريقة المماثلة لتقود المرحلة المقبلة، وعدم ترك المجال (لتجارِّب ناشئة) لا تملك الخبرة الكافية، ممِّا قد يسبب انبعاج إعلامي عبر هذه المنصات الحديثة لو تركت دون صياغة وتدخل؟!.
السؤال: كيف يبدو الحال في المؤسسات الصحفية السعودية تبعاً لهذه النظرية؟!
غداً نتعرَّف على تجربة (الجزيرة الصحيفة والمؤسسة) وموقف صحفنا الأخرى من (غيابات 2017م)؟! وعلى دروب الخير نلتقي.