رقية سليمان الهويريني
تظهر في وسائل الإعلام وحتى على المستوى الاجتماعي، إشادات مبالغ بها لغالب رجال الأعمال وبعض الأكاديميين وحتى الوعّاظ، ويوصفون بالناجحين لدرجة أنّ تم تحويلهم لنماذج يمكن أن يُقتدى بها! بل إنّ كثيراً من الشباب يتخذونهم قدوة وتتوق نفوسهم للسير على نهجهم، خصوصاً أنّ الناس يخلعون عليهم الألقاب الرفيعة ابتداءً من صاحب المعالي والسعادة إلى الرتب العسكرية، وانتهاءً بالمشايخ وأصحاب الفضيلة!
ومن الجميل إبراز القدوة وإظهار النماذج للملأ، لكن من المحتم أيضاً إبداء جوانب النجاح وتحديدها وبيان أسبابها، فالرجل الناجح في أعماله التجارية أو من يملك الثروات قد يكون فاشلاً في جانب آخر، أو أنه كان سبباً في فشل مَن حوله، أو معول هدم، أو أداة تدمير للآخرين، أو أنه قد ورث المال دون خُلق أو مبدأ، فهو حينئذ يفتقد بعض أساسيات الحياة، ويفشل في إدارة شؤونه الأسرية والاجتماعية، فمن المهم وقبل أن يكون ناجحاً يحسن به أن يكون فاعلاً.
وأغلب الناس يحسب أنّ النجاح غاية نهائية، ومحطة الوصول التي يقف عندها الإنسان، بينما هو بالواقع البداية التي ينبغي الانطلاق منها، كونه عملية مستمرة وحلقات متتالية مهما كانت المعيقات والحواجز. فالنجاح لا يقاس بمدى تحقيق الأهداف فقط، بل يُحسب أيضاً بمدى التغلّب على المصاعب، وتجاوز المعوقات.
ولئن كان النجاح الشخصي هو تحقيق الطموحات والأهداف واستثمار الطاقات بشكل ملائم، وأخذ العبرة من أخطاء الماضي، وعدم تكرارها والاستفادة منها، والتغلب على مصاعب الحياة؛ فإنّ هناك نجاحاً عاماً وهو النجاح الاجتماعي، بحيث يشمل نجاحه أُسرته وعائلته الكبيرة وأقاربه وأصدقاءه، كي يشعر بالسعادة ويغمره الفرح ويشاركه مع الآخرين.
إنّ النجاح يُعَد منقوصاً إن لم يكن شاملاً ومتجدداً، مترعاً بإتقان العمل، محاطاً بسلامة النوايا مطوقاً بصدق الهدف والقناعة به، متوجاً بسمو الرسالة؛ حتى لا يضره انتقاص الجاهلين ولا يؤذيه لمز الحاقدين ولا يسيئه استخفاف الحاسدين، ولا يرفعه تصفيق المنافقين، يحفه رضا النفس ويحيطه سرور القلب ويجمله التواضع والأخلاق الرفيعة يتوّجه إشراك الآخرين معه، فالقمة تتسع للكثير.
أقصد قمة الناجحين !