رجاء العتيبي
لا أظن أن فيلم (شارومر) الأخير الذي جاء تحت عنوان (طموح الدجاج) يمكن أن يحقق ما حققه الفيلم الذي أنتجته (شاورمر) عن اليوم الوطني، وشتان بين الاثنين من الناحية الفنية، وحيث أن الفيلم الأول جاء بمقاييس عالية سواء من الناحية الفنية أو من ناحية المحتوى أو الفكرة وذلك حينما جعل من السعودية وطناً للجميع، وجاءت أغنية (وطني الحبيب) لطلال مداح - رحمه الله - رابطة لجميع مشاهد الفيلم بطريقة إبداعية سمعناها بكل اللهجات واللغات بطريقة رفعت من أسهم (شارومر) عند المشاهدين، ونال احترام الكل.
أما فيلم ( طموح الدجاج ) الذي أنتجته ( شاورمر ) مؤخرا وجاء كدعاية للمطاعم، فلم يرتقِ فنيا لفيلم (وطني الحبيب) لا من حيث الفكرة ولا المحتوى ولا الأداء ولا التحريك، وأقل ما يقال عنه أنه فيلم ضعيف لا يرتقي حتى للنقد، فيلم بدأ بإيقاع بطيء وحشو كثير ولهجة لا ترتقي لمستوى فيلم دعائي، وفكرة وصفها البعض بالمتكلفة.
وهنا يبرز سؤال طرحه كل من شاهد الفيلمين: هل الذي أجاز الفيلم السابق هو نفسه الذي أجاز الفيلم الأول؟ هل المنتج المنفذ ذات المؤسسة؟ كيف لشركة أن تنتج فيلماً وطنياً راقياً نافس فيلم أرامكو الأخير الذي جسّد الملك عبد العزيز - رحمه الله - بطريقة مثيرة (ثلاثية الأبعاد) وجمعه جنباً إلى جنب مع أبنائه في العصر الحالي، وبين فيلم جعل طموح الدجاجة أن تكون (سيخ) شاورما تحت إعجاب عائلتها والحضور بصورة (متكفلة) فعلا.
هنا يتأكد أهمية (إدارة المحتوى) الذي تحدثنا عنه كثيرا، وأن المحافظة على (هوية) واحدة ليس بالأمر السهل، إذا ما عرفنا أن (الهوية) ليست في الشعار والألوان والمطبوعات وإنما حتى في (لغة الخطاب) للشركة، وهي من أصعب الأمور التي يمكن أن يواجهها صانع المحتوى.
فعلى سبيل المثال: انظر إلى (لغة الخطاب) لدى البنوك تحديدا، وراقب كيف يتحدثون مع العميل، أليس خطابهم موحداً تقريباً، ونبرة صوتهم واحدة، والمفردات هي ذاتها، حتى اللغة ( المؤدبة) تقريبا واحدة، هذا ما نرمي إليه، إذا كانت (شاورمر) في فيلم وطني الحبيب الذي أنتجته العام الماضي، قد قدمت لنا عملاً فنياً راقياً ومنافساً ومشرفاً، يفخر به كل مواطن سعودي، وبلغة خطاب راقية، فلماذا ينحدر مستوى عملها الفني الأخير (طموح الدجاج) بصورة يعطينا مؤشراً بضعف (بناء الهوية) للشركة وأن الأمر يتم وفق (اجتهادات) متفاوتة.
شركة مطاعم (شاورمر) وضعت لها قدما في عالم الأعمال وباتت واحدة من الأفكار (الملهمة) لكثير من رواد الأعمال ولا تخلو دورة تدريبية في مجال ريادة الأعمال إلا وتذكر فيها (شارومر) بشيء من الفخر والاعتزاز والإلهام، وعندما تخطيء المطاعم في اختيار ما يتناسب مع مكانتها (كبراند) يعرفه الجميع، فإن اللوم يكون طبيعيا، لمشروع نقدره كثيرا ونفخر به.