فضل بن سعد البوعينين
تتعامل «هيئة الترفيه» مع خططها المستقبلية ومشروعاتها المنتظرة بمعزل عن المجتمع والإعلام. حساسية بعض مشروعاتها ربما أسهمت في عزل وسائل الإعلام عنها خشية ردود الأفعال غير المنضبطة، والمؤثرة في تنفيذها. يفترض في «هيئة الترفيه» أن تكون أكثر الهيئات الحكومية انكشافًا على المجتمع بمكوناته المختلفة؛ لسببين رئيسين: حداثة إنشائها، وترقب المواطنين لما سينتج عنها من برامج ومشروعات. من المتوقع أن تواجَه الهيئة بحملات ممنهجة لرافضي الترفيه البريء؛ ما جعل مسؤوليها أكثر حذرًا في التعامل مع المجتمع ووسائل الإعلام على وجه الخصوص، غير أن تحفظها قد يتسبب في نتائج عكسية، يضر ببرامجها وخططها الاستراتيجية. التزام الصمت، والبعد عن الإعلام، وعزل المجتمع عن ما يدور فيها، ربما سمح للمترصدين باختلاق الشائعات، وإثارة الرأي العام، وتوجيهه لخدمة أهدافهم لا مصلحة الوطن.
أقامت هيئة الترفيه ورشة عمل بعنوان «معًا نبني قطاع الترفيه»، ومنعت منها وسائل الإعلام، وفق ما ذكرته صحيفة «المدينة». يفترض أن يكون الإعلام شريكًا استراتيجيًّا في بناء قطاع الترفيه، وجسرًا موثوقًا لإيصال المعلومة النقية لمكونات المجتمع. قد تحتاج ورش العمل إلى نوعية خاصة من المشاركين إلا أن ذلك لا يمنع وجود الإعلام المحترف القادر على المساهمة الإيجابية في الطرح والنقل والمواجهة الفكرية المحايدة التي ربما احتاجت إليها الهيئة.
من الطبيعي أن تكون مشاركة المستثمرين في ورشة العمل قاصرة في غياب المستفيدين من قطاع الترفيه، والإعلاميين المختصين القادرين على رفع كفاءة مدخلات ورشة العمل ومخرجاتها. يهتم المستثمرون بشكل رئيس بتعظيم الربحية، وبمعزل عن الجانب التنموي المستهدف من الهيئة والمجتمع بشكل عام؛ لذا يجب أن تتحوط الهيئة، وأن تعمل لتحقيق مصلحة المجتمع لا مصلحة المستثمرين الذين دخلوا في منافسة محمومة للفوز بالقطعة الأكبر من كعكة الترفيه الذهبية. بعض مستثمري الترفيه ليسوا إلا وسطاء، يبحثون عن فرص الربح بمعزل عن المخرجات وآليات التنفيذ، ومن المصلحة حجب التداخلات وعقود التنفيع لضمان الاستقلالية التامة لمشروعات الترفيه، وبما يضمن نجاحها، وتقديمها للمواطنين والمقيمين بأسعار مُرضية ومتوافقة مع الدخل. دخول الشركات العالمية، وفق الضوابط، وباستقلالية تامة، هو الضامن لتحقيق الجودة والأسعار التنافسية - بإذن الله -. ومثلما فُتحت سوق التجزئة للشركات الأجنبية فلا بد أن تُفتح سوق الترفيه على مصراعيها للشركات العالمية المحترفة القادرة على رفع بناء الترفيه العصري على قواعد صلبة. استقطاب هيئة الترفيه للشركات العالمية وفق برامج ومشروعات محددة هو ما نحتاج إليه اليوم. نريد أن يبدأ الترفيه من حيث انتهى المحترفون، وألا يتحول القطاع إلى حقل تجارب للوسطاء والهواة الباحثين عن عقود التنفيع والربح السريع.
بناء القطاع في حاجة إلى ثلاثة أمور رئيسة: الأول قائمة مشروعات الترفيه المستهدفة، والثاني فتح السوق واستقطاب الشركات العالمية المتخصصة في تلك المشروعات، والثالث مواجهة المجتمع بعد خلق التشريعات الداعمة للاستثمار في قطاع الترفيه.
لا يمكن ترك المشروعات الضخمة عرضة لردود الأفعال المفاجئة، بل يجب مواجهتها بالحقيقة، وطرح المشروعات المستهدفة بشفافية مطلقة، وعدم المراهنة على عنصر المفاجأة لقبول الأمر الواقع. سياسة الترفيه المستتر ستؤثر سلبًا على مشروعات الهيئة المستقبلية، وجاهزية المجتمع، وستفتح أبواب الشائعات التي قد تقوض الخطط والبرامج الاستراتيجية. الإعلام هو الشريك الاستراتيجي القادر على إنجاح برامج الهيئة، ومد جسور المعرفة، ونقل المعلومات النقية بينها وبين المجتمع. عزل الإعلام عن أنشطة الهيئة وبرامجها وخططها المستقبلية قد يؤثر سلبًا على الهيئة نفسها، لا الإعلام القادر على اقتناص المعلومة من داخل الغرف المغلقة.
عصر الشفافية المعاش يفرض على الهيئة العمل تحت ضوء الشمس لا الأنوار الخافتة الطاردة للإعلام والمحفزة للشائعات.