محمد المنيف
أجزم بأنه لا يمكن أن يتفق معي من سيقرأ العنوان قبل أن يتابع القراءة، وأعني هنا أن بإمكان كل شخص يعمل في خدمة المجتمع في أي نشاط مجتمعي، سيجد امامه فئتين لا يمكن ان يخلو منها مجتمع على خارطة الكرة الارضية، الاولى مشجعة وهي الاكثر عددا والأخرى المحبطة وهي الاقل، الا ان صوتها عال ومزعج يجد من يصدقه ويتبعه دون قناعة وإنما خوفاً من ان يصيبه جروحاً من سهام تلك الأصوات.
لكن الفرد الواثق بما يقدمه للمجتمع يمكنه تحويل ما تعرض له من تلك الأصوات الى طريق نحو النجاح اما بتجاهلها تماما كون الصمت في كثير من الاوقات اقوى من الرد، أو التصادم لئلا تشغله عن تحقيق ما يسعى إليه خدمة للمجال الذي كلف به رسمياً، أو يقوم به من باب التطوع، كما يمكنه أن يجعل من تلك الاصوات دافعا للتحدي مع الذات بان تكون ردوده بالأفعال لا بالأقوال أو ان يحلل ما مزجت به تلك الاصوات لاخذ الايجابي منها ولو قليل بعد استخلاص عبارات السب والشتم التي عرف بها أصحاب تلك الأصوات، فقد يكون فيما يطرحون ما يفيد (فالبندقية العوجاء قد تصيب هدفاً)، فالمعروف أن هؤلاء أو هذه الفئة التي جعلت من سبل إحباط الآخرين أو السعي لإفشال خطواتهم (مرضى) ابتلوا بآفة الكذب واختلاق الاشاعات فهم يكذبون على أنفسهم ثم يصدقون الكذبة وينقلونها للآخرين، يضيفون عليها بهاراتهم ويقدمونها أطباقاً للمغفلين.
أعود لأقول إن من الأهمية لعلاج هؤلاء هو سماع اصواتهم، من منطلق قبول الرأي الآخر، وتحمل أساليب لم يختلقوها، فهي جزء من سلوكهم الذي أصبح صفة لهم في محيط تخصصاتهم، فهم يقذفون هذا ويقصون ذاك، ثم يلتقون بمن اساؤوا له وهم مبتسمون، تعلوا وجوههم السعادة وكأنهم منتصرون، يستفزهم السكوت، ويؤلمهم عدم الاكتراث ممن تعرضوا له بالإساءة، ويقتلهم التسامح.