حينما شاهدت المقطع المرئي الذي تناقلته وسائل الإعلام في فضائيات عربية وعالمية الذي وثق لنا بطولة الجندي الجسور «جبران العواجي» وهو يواجه «الإرهابيين الداعشيين» في حي الياسمين بمدينة الرياض، اللذين كانا يرتديان أحزمة ناسفة، وبيد كل واحد منهما رشاشه، ثم يفرغ ما في مسدسه من رصاص في رأسيهما ليرديهما قتيلين، وهو مقبل عليهما غير مدبر، جعلني هذا المشهد الذي سنظل نحكيه لأجيال ستأتي، أستعيد قول الشاعر:
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى
وكأني بالشاعر قد عناه وهو يواجه ببسالة الإرهابيين ويسقطهما، فلتسلم يمين حارس الوطن الأمين جبران العواجي، فهكذا تحمى الأوطان وتفدى، وبورك فيه وفي زميله في ميدان البطولة والشرف الجندي نادر الشراري، وفي كل جنود الوطن في كل شبر من هذا الوطن الحبيب الذين يجودون بأغلى ما يملكون فداء وتضحية من أجل الوطن، ليبقى آمناً وشعبه مطمئناً، وخسئوا أولئك الإرهابيين الذين لم يرعوا للوطن حرمته، ولا لمواطنيه أمنهم، ولم يحفظوا للوطن الجميل والمعروف، وقد قدم لهم الكثير فكان الجزاء منهم «الخسة والغدر والخيانة» وهو طبع اللئام، وقد رضوا بأن يكونوا أدوات مرهونة في يد أعداء الوطن والإنسانية ويخونوا وطنهم، وينقلبوا على ولاة أمرهم، ووالله لن يجدوا صدراً أحنّ عليهم من هذا الوطن وقيادته، لو أنهم عادوا إلى صوابهم، وتابوا عن جرائمهم، وأدركوا أنهم ليسوا سوى دمى بيد من لعب بعقولهم، ليصور لهم بأن قتل جنود الوطن عمل يدخلهم الجنة، وكيف لمسلم يدّعي الإسلام، يقتل من يقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولكنهم في نفس المسار، لن يجدوا سوى الرصاص الذي سيخترق رؤوسهم، إن بغوا واستمروا في ضلالهم، وتمادوا في غيهم، فللوطن رب يحميه، وقد اصطفى له من عباده من يقدمون التضحيات، ويرسمون البطولات على خد التاريخ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، وقد نذروا أنفسهم على أن يكونوا في مواجهات دائمة ومستمرة مع كل من تسول له نفسه أن يلحق الأذى بوطن الأوطان المملكة العربية السعودية، بقي لي أن أقول إن بلادنا حماها الله، ونصر قادتها وأعزهم، ستبقى ماضية في محاربة الإرهاب وفق إستراتيجية منظمة، وستعمل على مكافحته، ومن حولها من شعبها الأمين الصادق في خندق واحد، الشعب الذي يؤمن بأن « الإرهاب والإرهابيين» لا علاقة لهم بالإسلام ولا يمثلونه ولا يمثلون أخلاقيات السعوديين، بل هم الخوارج الجدد، الذين امتلكوا فهماً مغلوطاً للدين، فانتهجوا الطريق الخطأ الذي أوصلهم إلى التشدد والغلو والتطرف، فأضروا بالإسلام من حيث ظنوا خطأ أنهم يخدمونه، فإن تابوا وعادوا لرشدهم فلأنفسهم؛ وإلا لن يجدوا سوى السيف الصارم يهوي على رقابهم، فليس هناك ما هو أعظم من خيانة الأوطان، ومن يخون وطن فلا مقام له بيننا، وحقاً ما قيل:-
يا أيها الوطن المفدى دونه
يوم الفداء الأرض والأوطان
فدتك ناشئة البلاد وشمرت
لك عن سواعد عزمها الفتيان